﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) ﴾
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣) ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ عُذِّبُوا وَأُوذُوا فِي اللَّهِ.
نَزَلَتْ فِي بِلَالٍ، وَصُهَيْبٍ، وَخَبَّابٍ، وَعَمَّارٍ، وَعَابِسٍ، وَجَبْرٍ، وَأَبِي جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ، أَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بِمَكَّةَ فَعَذَّبُوهُمْ (١).
وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ظَلَمَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، وَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ حَتَّى لَحِقَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِالْحَبَشَةِ، ثُمَّ بَوَّأَهُمُ اللَّهُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَعَلَهَا لَهُمْ دَارَ هِجْرَةٍ، وَجَعَلَ لَهُمْ أَنْصَارًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢).
﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ وَهُوَ أَنَّهُ أَنْزَلَهُمُ الْمَدِينَةَ.
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا أَعْطَى الرَّجُلَ [مِنَ الْمُهَاجِرِينَ] (٣) عَطَاءً يَقُولُ: خُذْ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِ، هَذَا مَا وَعَدَكَ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا، وَمَا ادَّخَرَ لَكَ فِي الْآخِرَةِ أَفْضَلُ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ (٤).
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَنُحْسِنَنَّ إِلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا.
وَقِيلَ: الْحَسَنَةُ فِي الدُّنْيَا التَّوْفِيقُ وَالْهِدَايَةُ.
﴿وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ وَقَوْلُهُ: "لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"، يَنْصَرِفُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يَعْلَمُونَهُ. ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ فِي اللَّهِ عَلَى مَا نَابَهُمْ (٥) ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ حَيْثُ أَنْكَرُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ بَشَرًا، فَهَلَّا بَعَثَ إِلَيْنَا مَلَكًا (٦) ؟
(٢) انظر: الدر المنثور: ٥ / ١٣١، الطبري: ١٤ / ١٠٧.
(٣) ساقط من "ب".
(٤) انظر: البحر المحيط: ٥ / ٤٩٣، المحرر الوجيز: ٨ / ٤٢٢.
(٥) في "ب": فاتهم.
(٦) انظر: أسباب النزول للواحدي ص (٣٢٣)، الطبري: ١٤ / ١٠٩، الدر المنثور: ٥ / ١٣٢-١٣٣.