قِيلَ: كَلَّمَ عَنْهُمْ مُتَرْجِمٌ، دَلِيلُهُ: قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِمْ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ.
﴿إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ﴾ قَرَأَهُمَا عَاصِمٌ بِهَمْزَتَيْنِ [وَكَذَلِكَ فِي الْأَنْبِيَاءِ، "فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ"] (١) وَالْآخَرُونَ بِغَيْرِ هَمْزٍ [فِي السُّورَتَيْنِ] (٢) وَهُمَا لُغَتَانِ أَصْلُهُمَا مِنْ أَجِيجِ النار وهو ضوؤها وَشَرَرُهَا شُبِّهُوا بِهِ لِكَثْرَتِهِمْ وَشِدَّتِهِمْ.
وَقِيلَ: بِالْهَمْزَةِ مِنْ شِدَّةِ (٣) أَجِيجِ النَّارِ وَبِتَرْكِ الْهَمْزِ اسْمَانِ أَعْجَمِيَّانِ مِثْلُ: هَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَهُمْ مِنْ أَوْلَادِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ.
قَالَ الضَّحَّاكُ: هُمْ جِيلٌ مِنَ التُّرْكِ. قَالَ السُّدِّيُّ: التُّرْكُ سَرِيَّةٌ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، خَرَجَتْ فَضَرَبَ ذُو الْقَرْنَيْنِ السَّدَّ [فَبَقِيَتْ خَارِجَهُ، فَجَمِيعُ التُّرْكِ مِنْهُمْ. وَعَنْ قَتَادَةَ: أَنَّهُمُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قَبِيلَةً، بَنَى ذُو الْقَرْنَيْنِ السَّدَّ] (٤) عَلَى إِحْدَى وَعِشْرِينَ قَبِيلَةً فَبَقِيَتْ قَبِيلَةٌ وَاحِدَةٌ فَهُمُ التُّرْكُ سُمُّوا التُّرْكَ لِأَنَّهُمْ تُرِكُوا خَارِجِينَ.
قَالَ أَهْلُ التَّوَارِيخِ: أَوْلَادُ نُوحٍ ثَلَاثَةٌ سَامٌ وَحَامٌ ويَافِثُ، فَسَامٌ أَبُو الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَالرُّومِ، وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشَةِ وَالزَّنْجِ وَالنُّوبَةِ، ويَافِثُ أَبُو التُّرْكِ وَالْخُزْرِ وَالصَّقَالِبَةِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: هُمْ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ وَوَلَدُ آدَمَ كُلُّهُمْ جُزْءٌ. رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا: إِنَّ يَأْجُوجَ أُمَّةٌ وَمَأْجُوجَ أُمَّةٌ، كُلُّ أُمَّةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ أُمَّةٍ لَا يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى أَلْفِ ذَكَرٍ مِنْ صُلْبِهِ كُلُّهُمْ قَدْ حَمَلَ السِّلَاحَ وَهُمْ مِنْ وَلَدِ آدَمَ يَسِيرُونَ إِلَى خَرَابِ الدُّنْيَا. وَقِيلَ: هُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ، صِنْفٌ مِنْهُمْ أَمْثَالُ الْأَرُزِّ شَجَرٌ بِالشَّامِ طُولُهُ عِشْرُونَ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ فِي السَّمَاءِ، وَصِنْفٌ مِنْهُمْ عَرْضُهُ وَطُولُهُ سَوَاءٌ، عِشْرُونَ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَقُومُ لَهُمْ جَبَلٌ وَلَا حَدِيدٌ، وَصِنْفٌ مِنْهُمْ يَفْتَرِشُ أَحَدُهُمْ [إِحْدَى أُذُنَيْهِ] (٥) وَيَلْتَحِفُ الْأُخْرَى لَا يَمُرُّونَ بِفِيلٍ وَلَا وَحْشٍ وَلَا خِنْزِيرٍ إِلَّا أَكَلُوهُ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ. أَكَلُوهُ، مُقَدَّمَتُهُمْ بِالشَّامِ وَسَاقَتُهُمْ بِخُرَاسَانَ يَشْرَبُونَ أَنْهَارَ الْمَشَارِقِ وَبُحَيْرَةَ طَبَرِيَّةَ (٦).
وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: مِنْهُمْ مَنْ طُولُهُ شِبْرٌ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ (٧) مُفْرِطٌ فِي الطُّولِ.

(١) ساقط من "ب".
(٢) ساقط من "ب".
(٣) زيادة من "ب".
(٤) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٥) في "ب": أذنه.
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور: (٥ / ٤٥٧) لابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عدي، وابن عساكر، وابن النجار.
(٧) في "ب": طوله.


الصفحة التالية
Icon