وَقِيلَ: تَقْدِيرُ الْآيَةِ: إِنَّهُ هَذَانِ، فَحَذَفَ الْهَاءَ (١).
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ حَرْفَ "إِنَّ" هَاهُنَا، بِمَعْنَى نَعَمْ، أَيْ نَعَمْ هَذَانِ (٢) رُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ شَيْئًا فَحَرَّمَهُ، فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إِلَيْكَ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّ وَصَاحِبَهَا، أَيْ نَعَمْ.

وَقَالَ الشَّاعِرُ (٣) بَكَرَتْ عَلَيَّ عَوَاذِلِي يَلْحِينَنِي وَأَلُومُهُنَّهْ
وَيقُلْنَ شَيبٌ قَدْ عَلَا كَ وَقَدْ كَبُرْتَ فَقُلْتُ إَنَّهْ
أَيْ: نَعَمْ.
﴿يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ﴾ مِصْرَ (٤) ﴿بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي بِسَرَاةِ قَوْمِكُمْ وَأَشْرَافِكُمْ، يُقَالُ: هَؤُلَاءِ طَرِيقَةُ قَوْمِهِمْ أَيْ أَشْرَافُهُمْ (٥) وَ ﴿الْمُثْلَى﴾ تَأْنِيثُ "الْأَمْثَلِ"، وَهُوَ الْأَفْضَلُ، حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: يَصْرِفَانِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِمَا (٦).
قَالَ قَتَادَةُ: طَرِيقَتُهُمُ الْمُثْلَى يَوْمَئِذٍ بَنُو إِسْرَائِيلَ كَانُوا أَكْثَرَ الْقَوْمِ عَدَدًا وَأَمْوَالًا فَقَالَ عَدُوُّ اللَّهِ: يُرِيدَانِ أَنْ يَذْهَبَا بِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ (٧).
وَقِيلَ: ﴿بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ أَيْ بِسُنَّتِكُمْ وَدِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ (٨) وَ ﴿الْمُثْلَى﴾ نَعْتُ الطَّرِيقَةِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: فُلَانٌ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى، يَعْنِي: عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ.
(١) انظر: التبيان في إعراب القرآن، للعكبري: ٢ / ٨٩٥، البحر المحيط، ٦ / ٢٥٥.
(٢) قال أبو حيان: (٦ / ٢٥٥) : ثبت ذلك في اللغة، فتحمل الآية عليه، و"هذان لساحران" مبتدأ وخبر وانظر زاد المسير: ٥ / ٣٩٩.
(٣) هو عبد الله بن قيس الرقيات. انظر: القرطبي: ١١ / ٢١٨.
(٤) ساقط من "ب".
(٥) الطبري: ١٦ / ١٨٣.
(٦) الطبري: ١٦ / ١٨٣.
(٧) الطبري: ١٦ / ١٨٣.
(٨) رواه الطبري عن ابن زيد: (١٦ / ١٨٣)، وقال: وإن كان له وجه يحتمل الكلام، فإن تأويل أهل التأويل خلافه، فلا أستجيز لذلك القول به.


الصفحة التالية
Icon