وَمَجَازُ الْآيَةِ: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوكُمْ، لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ ظَالِمٌ بِالْكُفْرِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ وَمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ. قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: صَارَتْ مَنْسُوخَةً (١) بِقَوْلِهِ: "قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" (التَّوْبَةِ-٢٩). ﴿وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ﴾ يُرِيدُ إِذَا أَخْبَرَكُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَنْ قَبِلَ الْجِزْيَةَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي كُتُبِهِمْ فَلَا تُجَادِلُوهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ.
﴿وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ" (٢). أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا العذافري، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّازِقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَبَا نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَمُرَّ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ تَتَكَلَّمُ هَذِهِ الْجِنَازَةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ"، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: إِنَّهَا تَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تَصْدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ" (٣).
(٢) أخرجه البخاري في التوحيد، باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها: ١٣ / ٥١٦، والمصنف في شرح السنة: ١ / ٢٦٨. وانظر: الدر المنثور: ٦ / ٤٦٩.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف: ١١ / ١١٠، وأبو داود في العلم، باب رواية حديث أهل الكتاب: ٥ / ٢٤٥، وصححه ابن حبان ص (٥٨) من موارد الظمآن، وأخرجه الطبراني في الكبير: ٢٢ / ٣٤٩-٣٥١، والبيهقي في السنن: ٢ / ١٠، والإمام أحمد في المسند: ٤ / ١٣٦، وأخرجه ابن سعد، وابن أبي شيبة، وإسحاق.
وأصله في البخاري مختصرا من حديث أبي هريرة (التعليق السابق) وانظر: الكافي الشاف ص (١٢٨)، الفتح السماوي: ٢ / ٨٩٨-٨٩٩، الدر المنثور: ٦ / ٤٦٩. هذا، وللإمام الحافظ ابن كثير كلمات بشأن الإسرائليات والحديث عن أهل الكتاب منثورة في تفسيره، وقد جمعها الشيخ أحمد محمد شاكر في مقدمة مختصره "عمدة التفسير": (١ / ١٤-١٩) ينبغي مراجعتها.