﴿فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨) وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) ﴾
﴿فَضْلًا﴾ أَيْ كَانَ هَذَا فَضْلًا ﴿مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ، عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ الْآيَةَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسماعيل، ١٣٥/ب حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّ أَنَسًا قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ حِمَارًا وَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ، وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتَنُ حِمَارِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لِحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ، فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَتَشَاتَمَا، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمْ ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ: "وَإِنَّ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلَحُوا بَيْنَهُمَا" (١).
وَيُرْوَى أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاصْطَلَحُوا وَكَفَّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُدَارَاةٌ فِي حَقٍّ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: لَآخُذُنَّ حَقِّي مِنْكَ عَنْوَةً، لِكَثْرَةَ عَشِيرَتِهِ، وَإِنَّ الْآخَرَ دَعَاهُ لِيُحَاكِمَهُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى أَنْ يَتْبَعَهُ، فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَدَافَعُوا وَتَنَاوَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، وَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ بِالسُّيُوفِ (٢).
وَقَالَ سُفْيَانُ عَنِ السُّدِّيِّ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا أُمُّ زَيْدٍ تَحْتَ رَجُلٍ، وَكَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا شَيْءٌ فَرَقِيَ بِهَا إِلَى عُلِّيَّةٍ وَحَبَسَهَا، فَبَلَغَ ذلك قومها فجاؤوا، وَجَاءَ قَوْمُهُ فَاقْتَتَلُوا بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا" بِالدُّعَاءِ إِلَى حُكْمِ كِتَابِ اللَّهِ وَالرِّضَا بِمَا فِيهِ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا (٣) ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا﴾ تَعَدَّتْ إِحْدَاهُمَا،
(٢) أخرجه الطبري: ٢٦ / ١٢٩، وزاد السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٥٦٠ نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) أخرجه الطبري: ٢٦ / ١٢٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٥٦٠-٥٦١ لابن أبي حاتم.