الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً}. والمراد بالفضل: الرزق بالتجارة في الحج، والمراد بالرضوان: ما كان المشركون يطلبونه بحجهم من رضى الله ليبارك لهم في أرزاقهم ويحفظهم في حياتهم.
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ خطاب للمؤمنين أذن لهم في الاصطياد الذي كان محرماً وهم محرمون إذن لهم فيه بعد تحللهم من إحرامهم. وقوله تعالى: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾ ينهي عباده المؤمنين أن يحملهم بغض قوم صدورهم يوم الحديبية عن دخول المسجد الحرام أن يعتدوا عليهم بغير ما أذن الله تعالى لهم فيه، وهو قتالهم إن قاتلوا وتركهم إن تركوا. ثم أمرهم تعالى بالتعاون على البر والتقوى، أي: على أداء الواجبات والفضائل، وترك المحرمات والرذائل، ونهاهم عن التعاون عن ضدها، فقال عز وجل: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ١ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ٢ وَالْعُدْوَانِ﴾. ولما كانت التقوى تعم الدين كله فعلاً وتركاً أمرهم بها، فقال: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ﴾ بالإيمان به ورسوله وبطاعتهما في الفعل والترك، وحذرهم من إهمال أمره بقوله: ﴿إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ فاحذروه بلزوم التقوى.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
١- وجوب الوفاء بالعهود التي بين الله تعالى وبين العبد والمحافظة على العقود التي بين العبد وأخيه العبد لشمول الآية ذلك.
٢- إباحة أكل لحوم الإبل والبقر والغنم إلا الميتة منها.
٣- تحريم الصيد في حال الإحرام وحليته بعد التحلل من الإحرام وهو صيد البر لا البحر٣.
٤- وجوب احترام شعائر الدين كلها أداء لما وجب أداؤه، وتركاً لما وجب تركه.
٥- حرمة الاعتداء مطلقاً على الكافر.
٦- وجوب التعاون بين المؤمنين على إقامة الدين، ورحمة تعاونهم على المساس به.

١ في البر، وهو فعل الخير رضا الناس وفي التقوى رضا الله، ومن جمع بين رضا الناس ورضا الله فقد جمع الخير كله وتمت سعادته في دنياه وآخرته.
٢ أي: ولا تعانوا على فعل الإثم من سائر كبائر الذنوب والفواحش ولا على الظلم والاعتداء إذ كلاهما مما حرم الله تعالى.
٣ لأن صيد البحر حلال في الإحرام وغيره لقوله تعالى: ﴿وَأُحِلّ لَكمْ صَيْد البَحْر ما دُمْتم حُرما﴾ الآية من آخر هذه السورة.


الصفحة التالية
Icon