الأرض.
فلا تولوهم الأدبار: أي لا تنهزموا فتفروا أمامهم فتولونهم أدباركم.
متحرفاً لقتال: أي مائلاً من جهة إلى أخرى ليتمكن من ضرب العدو وقتاله.
أو متحيزاً إلى فئة: أي يريد الانحياز إلى جماعة من المؤمنين تقاتل.
فقد باء بغضب: أي رجع من المعركة مصحوباً بغضب من الله تعالى لمعصيته إياه.
وليبلي: أي لينعم عليهم بنعمة النصر والظفر على قلة عددهم فيشكروا.
فئتكم: مقاتلتكم من رجالكم الكثيرين.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن غزوة بدر وما فيها من جلائل النعم وخفى الحكم ففي أولى هذه الآيات ينادي الرب تبارك وتعالى عباده المؤمنين فيقول ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا١ لقيتم الذين كفروا زحفاً﴾ أي وأنتم وإياهم زاحفون إلى بعضكم البعض ﴿فلا تولوهم الأدبار٢﴾ أي لا تنهزموا أمامهم فتعطوهم أدباركم فتمكنوهم من قتلكم، إنكم أحق بالنصر منهم، وأولى بالظفر والغلب إنكم مؤمنون وهم كافرون فلا يصح منكم انهزام أبداً ﴿ومن يولهم يومئذ دبره﴾ اللهم ﴿إلا متحرفاً لقتال﴾ أي مائلاً من جهة إلى أخرى ليكون ذلك أمكن له في القتال ﴿أو متحيزاً إلى فئة﴾ أي منحازاً إلى جماعة من المؤمنين تقاتل فيقاتل معها ليقويها أو يقوى بها، من ولى الكافرين دبره في غير هاتين الحالتين ﴿فقد باء بغضب من الله﴾ أي رجع من جهاده مصحوباً بغضب من الله ﴿ومأواه جهنم وبئس المصير﴾ ٣

١ هذه الجملة اعتراضية بين قوله تعالى: ﴿إذ يوحي ربك﴾ وبين قوله: ﴿فلم تقتلوهم﴾ ومن فوائدها تدريب المؤمنين على الشجاعة، والإقدام والثبات عند اللقاء، وهي خطة محمودة عند العرب فزادها الإسلام تقوية، قال شاعرهم وهو الحصين بن الحمام:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
٣ ﴿فلا تولوهم الأدبار﴾ فيه استبشاع الهزيمة بذكر لفظ الدبر، وهو كذلك.
٣ الحمد لله أنه لم يقل خالداً فيها بل قال: ﴿مأواه جهنم﴾ ولذا ورد أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قال: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فرّ من الزحف".


الصفحة التالية
Icon