قلوبهم منكرة: أي جاحدة للوحدانية والنبوة والبعث والجزاء.
وهم مستكبرون: لظلمة قلوبهم بالكفر يتكبرون.
لا جرم: أي حقاً.
أساطير الأولين: أي أكاذيب الأولين.
ليحملوا أوزارهم: أي ذنوبهم يوم القيامة.
ألا ساء ما يزرون: أي بئس ما يحملون من الأوزار.
معنى الآيات:
في هذا السياق مواجهة صريحة للمشركين بعد تقدم الأدلة على اشراكهم وضلالهم فقوله تعالى: ﴿والذين يدعون من١ دون الله﴾ أي تعبدونهم أيها المشركون ﴿أموات غير أحياء﴾ أي هم أموات إذ لا حياة لهم ودليل ذلك أنهم لا يسمعون ولا يبصرون ولا ينطقون، وقوله ﴿وما يشعرون أيان يبعثون٢﴾ أي لا يعلمون٣ متى يبعثون كما أنكم أنتم أيها العابدون لهم لا تشعرون متى تبعثون. فكيف تصح عبادتهم وهم أموات ولا يعلمون متى يبعثون للاستنطاق والاستجواب والجزاء على الكسب في هذه الحياة، وقوله ﴿إلهكم إله واحد﴾ هذه النتيجة العقلية التي لا ينكرها العقلاء وهي أن المعبود واحد لا شريك له، وهو الله جل جلاله، إذ هو الخالق الرازق المدبر المحي المميت ذو الصفات العلا والأسماء الحسنى، وما عداه فلا يخلق ولا يرزق ولا يُدبِّر ولا يحيى ولا يميت فتأليهه سفه وضلال، وبعد تقرير ألوهية الله تعالى وإثباتها بالمنطق السليم قال تعالى: ﴿فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون﴾ ذكر علة الكفر لدى الكافرين والفساد عند المفسدين وهي تكذيبهم بالبعث الآخر إذ لا يستقيم عبد على منهج الحق والخير وهو لا يؤمن باليوم الآخر يوم الجزاء على العمل في الحياة الدنيا، فأخبر تعالى أن الذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة لكل ما يسمعون من الحق الذي يدعو إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتنبيه آيات القرآن الكريم، وهم مع إنكار قلوبهم لما يسمعون من الحق مستكبرون عن

١ قرأ عامة القراء ﴿يدعون﴾ بالتاء لأن ما قبله خطاب، وقرىء عن عاصم وحفص بالياء، وهي قراءة يعقوب أيضاً.
٢ روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: تبعث الأصنام وتركب فيها الأرواح ومعها شياطينها فيتبرؤون من عبدتها، ثم يؤمر بالشياطين والمشركين إلى النار.
٣ عبّر عنهم بصيغة من يعقل لأن المشركين يزعمون أنها تعقل عنهم وتشفع لهم عند الله تعالى، وتقرّبهم إلى الله زلفى.


الصفحة التالية
Icon