ولا تنهرهما: أي ولا تزجرهما بالكلمة القاسية.
قولاً كريما: جميلاً ليناً.
جناح الذل: أي ألن لهما جانبك وتواضع لهما.
كان للأوابين: أي الرجاعين إلى الطاعة بعد المعصية.
وآت ذا القربى: أي أعط أصحاب القرابات حقوقهم من البر والصلة.
ولا تبذر تبذيرا: أي ولا تنفق المال في غير طاعة الله ورسوله.
لربه كفورا: أي كثير الكفر كَبِيرَهُ لنعم ربه تعالى، فكذلك المبذر أخوه.
معنى الآيات:
لما حرم الله تعالى الشرك ونهى عنه رسوله بقوله ﴿ولا تجعل مع الله إلهاً آخر فتقعد مذموماً مخذولا﴾ أمر بالتوحيد فقال: ﴿وقضى١ ربك﴾ أي حكم وأمر ووصى ﴿ألا تعبدوا إلا إياه﴾ أي بأن لا تعبدوا إلا الله عز وجل، وقوله تعالى: ﴿وبالوالدين إحسانا٢﴾ أي وأوصى بالوالدين وهما الأم والأب إحساناً وهو برهما وذلك بإيصال الخير إليهما وكف الأذى عنهما، وطاعتهما في٣ غير معصية الله تعالى. وقوله تعالى: ﴿إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما٤﴾ أي إن يبلغ سن الكبر عندك واحد منهما الأب أو الأم أو يكبران معاً وأنت حي موجود بينهما في هذه الحال يجب أن تخدمهما خدمتهما لك وأنت طفل فتغسل بولهما وتطهر نجاستهما وتقدم لهما ما يحتاجان إليه ولا تتضجّر أو تتأفف من خدمتهما كما كانا هما يفعلان ذلك معك وأنت طفل تبول وتخرأ وهما يغسلان وينظفان ولا يتضجران أو يتأففان، وقوله: ﴿ولا تنهرهما﴾ أي لا تزجرهما بالكلمة العالية النابية ﴿وقل لهما قولاً كريماً٥﴾ أي جميلاً سهلا لينا يشعران معه بالكرامة والإكرام لهما وقوله تعالى: ﴿واخفض لهما جناح الذل من الرحمة٦﴾ أي ألن لهما وتطامن وتعطف عليهما وترحم. وادع لهما طوال
٢ هذه الآية نص في برّ الوالدين وحرمة عقوقهما، وشاهد ذلك من السنة قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد سئل عن أحب الأعمال إلى الله تعالى فقال: "بر الوالدين" وقال: "إن من الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا: وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسبّ الرجل أبا الرجل فيسبّ أباه ويسبّ أمّه فيسبّ أمّه".
٣ من شواهد الطاعة أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كانت تحتي امرأة أحبّها وكان أبي يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عبد الله بن عمر طلّق امرأتك" وللأم ثلاثة أرباع الطاعة وللأب الربع لحديث الصحيح: رواه الترمذي وصححه: "من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمّك قال: ثم من قال أمّك. قال: ثم من قال: أمّك. قال: ثم قال: أبوك".
٤ أي: لا تقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرّم وعدم رضا، وأف: اسم فعل كصَه ومَهْ منوّن وفيه لغات.
٥ الكريم من كل شيء أرفعه في نوعه.
٦ ال: في الرحمة نابت عن المضاف، إذ التقدير: من رحمتك إياهما.