ساء ما يحكمون: أي بئس الحكم هذا الذي يحكمون به، وهو حسبانهم أنهم يفوتون الله تعالى ولم يقدر على الانتقام منهم.
من كان يرجوا لقاء الله: أي من كان يؤمن بلقاء الله وينتظر وقوعه فليعلم أن أجله لآت فليستعد له بالإيمان وصالح الأعمال.
ومن جاهد: أي بذل الجهد في حرب الكفار أو النفس.
فإنما يجاهد لنفسه: أي منفعة الجهاد من الأجر عائدة على نفسه.
ولنجزينهم: أي ولنجزينهم على أعمالهم بأحسن عمل كانوا عملوه.
معنى الآيات:
الم: الله أعلم بمراده به وهذا هو مذهب السلف في هذه الحروف وهو تفويض علمها إلى منزلها عز وجل وقوله ﴿أَحَسِبَ (١) النَّاسُ﴾ أي أظن الناس ﴿أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا﴾ فيكتفى منهم بذلك ﴿وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ أي لا يختبرون بل لا بد من اختبار بالتكاليف الشاقة كالهجرة والجهاد والصلاة والصيام والزكاة وترك الشهوات والصبر على الأذى. والآية نزلت في مثل عمار بن ياسر وبلال وعياش فإنها عامة إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، واللفظ عام هنا، لأن اسم الجنس إذا دخلت عليه "أل" أفادت استغراق جميع أفراده. وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ (٢) مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من الأمم السابقة فهي إذاً سنة ماضية في الناس لا تتخلف. وقوله تعالى ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ في إيمانهم أي يظهر ذلك (٣) ويعلمه مشاهدة بعد أن علمه قبل إخراجه إلى الوجود حيث قدر ذلك وكتبه في كتاب المقادير وذلك بتكليفهم وقيامهم بما كلفوا به من
٢ - روى البخاري عن خباب بن الأرت قال: (شكونا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد لحمه وعظمه فما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليتمنّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون" وروى ابن ماجة عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلى على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة!! ".
٣ - وفي الحديث: "من أسر سريرة ألبسه الله رداءها" أي أظهرها عليه.