وما ذلك على الله بعزيز: أي بشديد ممتنع بل هو سهل جائز الوقوع.
ولا تزر وازرة وزر أخرى: أي في حكم الله وقضائه بين عباده أن النفس المذنبة الحاملة لذنبها لا تحمل وزر أي ذنب نفس أخرى بل كل وازرة تحمل وزرها وحدها.
وإن تدع مثقلة: أي بأوزارها حتى لم تقدر على المشي أو الحركة.
لا يحمل منه شيء: أي لا تجد من يستجيب لها ويحمل عنها بعض ذنبها حتى لو دعت ابنها أو أباها أو أمها فضلا عن غيرهم، بهذا حكم الله سبحانه وتعالى.
يخشون ربهم بالغيب: أي لأنهم ما رأوه بأعينهم.
ومن تزكى: أي طهّر نفسه من الشرك والمعاصي.
فإنما يتزكى لنفسه: أي صلاحه واستقامته على دين الله ثمرتهما عائدة عليه.
معنى الآيات:
بعد تلك الأدلة والحجج التي سيقت في الآيات السابقة وكلها مقررة ربوبية الله تعالى وألوهيته وموجبة توحيده وعبادته نادى تعالى الناس بقوله ﴿يأَيُّهَا النَّاسُ﴾ ليعلمهم بأنه وإن خلقهم لعبادته وأمرهم بها وتوعد بأليم العذاب لمن تركها ولم يكن ذلك لفقر منه إليها ولا لحاجة به إليهم فقال ﴿يأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ (١) إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ إن عبادة الناس لربهم تعود عليهم فيكملون عليها في أخلاقهم وأرواحهم ويسعدون عليها في دنياهم وآخرتهم أما الله جل جلاله فلا تنفعه طاعة ولا تضره معصية. وهو الغني عن كل ما سواه ﴿الْحَمِيدُ﴾ أي المحمود بنعمه فكل نعمة بالعباد موجبة له الحمد والشكر. وقوله: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ (٢) بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ وهذا دليل غناه؛ وافتقارهم كما هو دليل قدرته وعلمه، وقوله: ﴿وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ﴾ أي إذهابهم والإتيان بخلق جديد غيرهم ليس بالأمر العزيز الممتنع ولا بالصعب المتعذر بل هو اليسير السهل عليه تعالى.
٢ - الجملة بيانية فيه مبينة لغناه وموجب حمده والثناء عليه ببيان قدرته على إهلاك الموجود من عباده والإتيان بخلق جديد غيرهم ومن كان هكذا هو الغني الحق والمحمود الحق فلله الحمد وله المنة.