لعلكم تصطلون: أي تستدفئون.
أن بورك من في النار: أي بارك الله جل جلاله من في النار وهو موسى عليه السلام إذ هو في البقعة المباركة التي نادى الله تعالى موسى منها.
وسبحان الله رب العالمين: أي نزه الرب تعالى نفسه عما لا يليق بجلاله وكماله من صفات المحدثين.
يا موسى إنه أنا الله: أي الحال والشأن أنا الله العزيز الحكيم الذي ناداك وباركك.
تهتز كأنه جان: أي تتحرك بسرعة كأنها حية خفيفة السرعة.
ولم يعقب: أي ولم يرجع إليها خوفا وفزعا منها.
ثم بدل حسنا بعد سوء: أي تاب فعمل صالحا بعد الذي حصل منه من السوء.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير النبوة المحمدية فقوله تعالى ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى (١) الْقُرْآنَ مِن لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ يخبر تعالى رسوله بأنّه يلقّن القرآن ويحفظه ويعلمه من لدن حكيم في تدبيره عليم بخلقه وهو الله جل جلاله وعظم سلطانه.
وقوله تعالى ﴿إِذْ قَالَ مُوسَى﴾ اذكر لمنكري الوحي والمكذبين بنبوتك إذ قال موسى إلى آخر الحديث، هل مثل هذا يكون بغير التلقي من الله تعالى. والجواب: لا إذاً فأنت رسول الله حقا وصدقاً ﴿إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ﴾ امرأته وأولاده ﴿إِنِّي آنَسْتُ (٢) نَاراً﴾ أي أبصرتها مستأنسا بها. ﴿سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ (٣) قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٤) ﴾ أي تستدفئون إذ كانوا في ليلة شاتية باردة وقد ضلوا طريقهم.

١- قال القرطبي: هذه الآية بسط وتمهيد لما يريد أن يسوق من الأقاصيص وما في ذلك من لطائف حكمته ودقائق علمه وهو كما قال.
٢- ﴿إني آنست نارا﴾ أي: أبصرتها من بعد قال الشاعر:
آنست نبأة وأفرز عنها القناص عصرا وقد دنا الإمساءُ
٣- قرأ عاصم ﴿بشهاب قبس﴾ بتنوين شهاب، وقرأ نافع ﴿بشهاب﴾ بلا تنوين مضاف إلى قبس، والإضافة للنوع كثوب خَزٍّ وخاتم فضة.
٤- الاصطلاء: الاستدفاء من البرد، قال الشاعر:
النار فاكهة الشتاء فمن يرد أكل الفواكه شاتيا فليصطل


الصفحة التالية
Icon