وإني لأظنه من الكاذبين: أي موسى في ادعائه أن له إلها غيري.
فنبذناهم في اليم: أي طرحناهم في البحر غرقى هالكين.
وجعلناهم أئمة: أي رؤساء يقتدى بهم في الباطل.
يدعون إلى النار: أي إلى الكفر والشرك والمعاصي الموجبة للنار.
في هذه الدنيا لعنة: أي خزيا وبعداً عن الخير.
هم من المقبوحين: أي المبعدين من كل خير المشوَّهي الخلقة.
القرون الأولى: قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وغيرهم.
بصائر للناس: أي فيه من النور ما يهدي كما تهدي الأبصار.
معنى الآيات:
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ﴾ إن فرعون لما سمع كلام موسى عليه السلام المصدق بكلام هارون عليه السلام وكان الكلام في غاية اللين، مؤثراً خاف فرعون من الهزيمة، ناور وراوغ فقال في الحاضرين ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ (١) مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ أي كما ادعى موسى ولكن سأبحث وأتعرف على الحقيقة إن كان هناك إله آخر غيري، فنادى وزيره هامان وأمره أن يعد اللبن المشوي لأنه قوي ويقوم ببناء صرح عال يصل إلى عنان السماء ليبحث بنفسه عن إله موسى إن كان حسب دعواه وإني لأظن موسى كاذباً في دعوى وجود إله له ولكم غيري هذا معنى قوله تعالى في الآية الأولى (٣٨) ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي (٢) يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ (٣). يعني في ادعائه أن هناك إلهاً آخر غيري.
قوله تعالى: ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ﴾ أي أرض مصر ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ (٤) ﴾ الذي يحق
٢- كنّى عن البناء بمقدماته، وفعلاً دارت رحى العمل على أشد ما تكون وفرعون يعلم أنه مجرد تمويه على العامة وشغل لأذهانهم عن معرفة الحق الذي دعا إليه موسى: وهل بنى الصرح؟ روي أنه قبل أن يتم سقط فقتل خلقا كثيراً من العمال والبنائين، ولعل في قوله تعالى: (وما كيد فرعون إلا في تباب) من سورة المؤمن، إشارة إلى سقوطه وهلاك القائمين ببنائه.
٣- نسب موسى إلى جماعة الكذب وهو يعلم أنه صادق تمويها على الرعية، ودفعاً للحق الذي بهره نوره فما أطاقه فهو يبحث عن المخرج.
٤- (بغير الحق) أي: الموجب لهم الاستكبار ولا يوجد حق يوجب الاستكبار قط.