ويقولون في أنفسهم: أي سراً فيما بينهم.
لولا يعذبنا الله بما نقول: أي هلا يعذبنا الله بما نقول له، فلو كان نبياً لعاجلنا الله بالعقوبة.
حسبهم جهنم يصلونها: أي يكفيهم عذاب جهنم يصلونها فبئس المصير لهم.
فلا تتناجوا بالإثم والعدوان: أي فلا يناج بعضكم بما هو إثم ولا بما هو عدوان وظلم ولا بما هو معصية للرسول.
وتناجوا بالبر والتقوى: أي وتناجوا إن أردتم ذلك بالبر أي الخير والتقوى وهي طاعة الله والرسول.
إنما النجوى من الشيطان: أي إنما النجوى بالإثم والعدوان من الشيطان أي بتغريره.
ليحزن الذين آمنوا: أي ليوهمهم إنها بسبب شيء وقع مما يؤذيهم.
وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله: أي وليس التناجي بضار المؤمنين شيئاً إلا بإرادة الله تعالى.
وعلى الله فليتوكل المؤمنون: أي وعلى الله لا على غيره يجب أن يتوكل المؤمنون.
معنى الآيات:
قوله تعالى ألم تر الآية.. هذه نزلت في يهود المدينة والمنافقين فيها. إذ كانوا يتناجون أي يتحدثون سراً على مرأىً من المؤمنين، والوقت وقت حرب فيوهمون المؤمنين إن عدواً قد عزم على غزوهم، أو أن سرية هزمت أو أن مؤامرة تحاك ضدهم فنهاهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التناجي، وقال لا يتناج اثنان١ دون ثالث وأبوا أن يتناجوا فأنزل الله تعالى هذه الآية يعجب رسوله منهم ويوعدهم بعد فضحهم وكشف الستار عن كيدهم للمؤمنين ومكرهم بهم فقال تعالى لرسوله ألم تر الذين٢ نهوا عن النجوى وهي التناجي المحادثة السرية أمام الناس، ثم يعودون لما نهوا عنه عصياناً وتمرداً عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويتناجون لا بالبر والتقوى، ولكن بالإثم والعدوان ومعصيت٣ الرسول أي بما هو إثم في نفسه كالغيبة والبذاء في القول، وبالعدوان وهو الاعتداء على المؤمنين وظلمهم، وبمعصية الرسول فيوصي بعضهم بعضاً بعصيان الرسول وعدم طاعته في أمره ونهيه. هذا وشر منهم أنهم إذا جاءوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيوه بما لم يحيه به الله فلم يقولوا السلام عليكم ولكن

١ الحديث ثابت في الصحيح وفي الموطأ قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد" وفي الحديث دليل على التحريم ونظيره: أن يتكلم اثنان بلغة غير لغة الثالث فإنه كنجوى اثنين دون ثالث.
٢ الاستفهام للتعجب والمراد به توبيخ اليهود الذين نزلت الآية فيهم مع إخوانهم المنافقين.
٣ كتبت (معصيت) بالتاء المفتوحة دون المربوطة التي يوقف عليها بالهاء في موضعين من هذه السورة، ويوقف عليها بالهاء ويجوز بالتاء أمل في الوصل فلا بد من التاء.


الصفحة التالية
Icon