وأن الكافرين لا مولى لهم: أي لا ناصر لهم.
والذين كفروا يتمتعون ويأكلون: أي بمتع الدنيا من مطاعم ومشارب وملابس ويأكلون.
كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم: أي كأكل الأنعام بنهم وازدراد والنار مأواهم.
وكأين من قرية: أي وكثير من أهل قرية هي أشد قوة. هي أشد قوة
من قريتك التي أخرجتك: أي مكة إذ أخرج أهلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أفمن كان على بينة من ربه: أي على حجة وبرهان من أمر دينه فهو يعبد الله على علم.
كمن زين له سوء عمله: أي كمن زين الشيطان له سوء عمله.
واتبعوا أهواءهم: أي واتبعوا أهواءهم في عبادة الأصنام والجواب ليسوا سواء ولا مماثلة بينهما أبدا.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ١﴾ يوبخ تعالى المشركين المصرين على الشرك والكفر على إصرارهم على الشرك والعناد فيقول أغفلوا ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ﴾ كعاد وثمود وقوم لوط إذ دمر تعالى عليهم بلادهم فأهلكهم وأولادهم وأموالهم فيعتبروا بذلك، وقوله تعالى ﴿وَلِلْكَافِرِين﴾ أمثال تلك العاقبة المدمرة، وعيد لكفار مكة بأن ينزل عليهم عقوبة كعقوبة الأولين إن لم يتوبوا من شركهم وإصرارهم عليه، وعنادهم فيه. وقوله ﴿ذَلِكَ٢﴾ أي نصر المؤمنين وقهر الكافرين بسبب أن الله مولى الذين آمنوا أي وليهم ومتولي أمرهم وناصرهم. وأن الكافرين لا مولى لهم لأن الله تعالى خاذلهم ومن يخذله الله فلا ناصر له. قوله تعالى ﴿إِنَّ اللهَ٣ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ هذا وعد من الله تعالى لأهل الإيمان والعمل الصالح بأن يدخلهم يوم القيامة جنات أي بساتين تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار وقوله ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ﴾ في الدنيا بملاذها وشهواتها، ﴿وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ إذ ليس لهم هم إلا بطونهم وفروجهم، ولذا هم لا

١ الفاء للتفريع، تفريع هذه الجملة الكلامية على الجملة السابقة وهي: (والذين كفروا فتعساً لهم) والاستفهام للتقريرالتوبيخي.
٢ جائز أن يكون اسم الإشارة منصرفا إلى مضمون قوله تعالى (وللكافرين أمثالها) فيفيد أن ما أصاب المشركين من الدمار والخزي والعار بسبب أن الله ناصر الذين آمنوا وما في التفسير في غاية الوضوح.
٣ كلام مستأنف استئنافاً بيانياً، إذ هو بمثابة جواب لمن سأل عن حال المؤمنين في الآخرة وحال الكافرين في الدنيا، أما في الآخرة فالأمر معلوم وهو أنهم أصحاب النار هم فيها خالدون إذ بين تعالى حال المؤمنين في الآخرة، وحال الكافرين في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon