ويقرر الإمام السيوطي وغيره: أن رسول الله ﷺ نبه على التفسير الإشاري بقوله في الحديث الذي رواه الغربابي عن الحسن مرسلا "لكل آية ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع " وقد فسر الحديث بتفسيرات عدة، ولم أقف له على أصل صحيح يعتد به فلعل المعنى القريب للحديث ما حكاه ابن النقيب: من أن ظهرها: ما ظهر من معانيه لأهل العلم بالظاهر وبطنها: ما تضمنته من الأسرار التي يطلع الله عليها أرباب الحقائق.
وأقول: أن بعض الصحابة كانت لهم في القرآن أفهام فوق ظاهر النص، هي في الواقع إشارات قد لا يفهما الكثير منهم، فمن ذلك مثلا:
ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: أنه من حيث علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم، قال: ماتقولون في قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله ﷺ أعلمه الله له: قال إذا جاء نصر الله والفتح، فذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا، فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول"١.
فبعض الصحابة لم يفهم من السورة أكثر من معناها الظاهر، أما