منه في دعائه إلى الله وهو على بينة من ربه، وبين من يفتى في دين الله بغلبة ظنه.
ثم إن من شأن عالم الرسوم في الذب عن نفسه أن يجهل من يقول: فهمني ربي، ويرى أنه أفضل منه وأنه صاحب العلم إذ يقول من هو من أهل الله: إن الله ألقى في سرى مراده بهذا الحكم في هذه الآية، أو يقول: رأيت رسول الله ﷺ في واقعتي فأعلمني بصحة هذا الخبر المروي عنه وبحكمه عنده. قال أبو يزيد البسطامي- رضي الله عنه- في هذا المقام يخاطب علماء الرسوم: "أخذتم علمكم ميتا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت".
يقول أمثالنا: حدثني قلبي عن ربي، وأنتم تقولون حدثني فلان.. وأين هو؟ قالوا: مات. عن فلان، وأين هو؟ قالوا؟ مات. وكان الشيخ أبو مدين- رحمه الله- إذا قيل له: قال فلان، عن فلان، عن فلان، يقول: ما في يد نأكل قديدا هاتوا ائتوني بلحم طري- يرفع همم أصحابه- فأولئك أكلوه لحما طريا، والواهب لم يمت، وهو أقرب إليكم من حبل الوريد.
والفيض الإلهي والمبشرات ما سد بابها، وهي من أجزاء النبوة، والطريق واضحة، والباب مفتوح، والعمل مشروع، والله يهرول لتلقى من إليه يسعى، وما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، وهو معهم أينما كانوا، فمن كان معك بهذه المثابة من القرب- مع دعواك العلم بذلك والإيمان به- لم تترك الأخذ عنه والحديث معه، وتأخذ عن غيره ولا تأخذ عنه، فتكون حديث عهد بربك... " انتهى كلام ابن عربي، من الفتوحات المكية ج١ ص٢٧٩-. ٢٨.