إليه، والسببية تطلب مرد الكلام، فيلزم لهذا أن يكون جوابها مؤخراً، فإن جاء: أكرمُك إذا جئتني فجوابها محذوف، تقديره: أكرمك إذا جئتني يكون ذلك، ولا تتعلق بأكرمك، كما أنك إذا قلت: أكرمك إن أكرمتني، فجواب إن محذوف، تقديره: أكرمك إن أكرمتني يكن ذلك، فالفعل الأول دل على الجواب لا هو الجواب.
وتقول العرب: إن زيد قام فأكرمه، فزيد فاعل بفعل مضمر دلت عليه قام الظاهر، ويكون هذا بمنزلة قوله تعالى: (وَإنْ أَحَدٌ منَ اْلمُشْرِكِينَ استجارك فَأَجِرْهُ) (١) فأحد فاعل بفعل مضمر، وكذلك قوله تعالى: (إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ، وَإذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) (٢).
فهذه كلها مرفوعات بفعل محذوف دلت عليه هذه الظواهر، فتعرب الشمس كورت مفعولاً لم يسم فاعله لا مبتدأ، لأن السببية تمنع من ذلك، وقد نص أبو على في الإيضاح (٣) على هذا وهو الصواب.
ومنهم من قال: إذا تضاف إلى الجملة الفعلية وإلى الجملة الاسمية، وتتعلق بما قبلها وبما بعدها لأنها ظرف، والظرف يتعلق بما قبله وبما بعده، فجعل "إذا الشمس كورت " الشمس: مبتدأ، كورت خبره، وفي هذا بعد، إذا لو كان كما قيل لجاز: إذا زيد قائمٌ. أكرمك، وهذا لا يقع إلا في ضرورة الشعر، وهو قليل في الضرورة والذي ذهب إليه أبو على (٤) أصح الأقوال الثلاثة- والله أعلم. (٥٤).
ثانياً: مجيءُ نائب الفاعل والمفعول به جملة:
خرّج ابن أبي الربيع الجمل الواقعة بعد أفعال القول المبنية للمجهول على أنها بلفظها نائب فاعل وليست جملة في موضع رفع نائب فاعل، قال في توجيه الآية الكريمة: (وَإذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا في الأرْضِ..) (٥) :(.. لا تُفْسِدوا) في

(١) سورة التوبة آية: ٦.
(٢) سورة التكوير آية: ١، ٢، ٣.
(٣، ٤) ينظر الِإيضاح العضدي ٣٠.
(٥) سورة البقرة الآية: ١٣.


الصفحة التالية
Icon