موضع المفعول الذي لم يُسمّ فاعله بقيل، َ لأنه عينُ المفعول فيجري مجرى: "سُبْحانَ اللَّهِ تَمْلأ الميزان " (١) ومجرى: زعموا مطيَّة الكذب. وليس في موضع مفردٍ هو المفعول الذي لم يُسمَّ فاعلهُ؛ لأنَّ هذا لا يكون في المبتدأ ولا في الفاعل ولا في المفعول الذي لم يُسمَّ فاعلهُ ويكون في الأخبار، وقد مضى الكلام على هذا في: (أأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ..) (٢) (٣٦).
وقال في توجيه الآية الكريمة: (وَإذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَاَ آمَنَ النَّاسُ..) :
(.. و (آمِنوا) هو المفعول الذي لم يُسمَّ فاعله بقيل..) (٦١).
وقال في توجيه الآية الكريمة: (إِنَّمَا نَحنُ مُصْلِحُونَ) :
(إنما نحنُ مصلحون) في موضع المفعول به لـ"قالوا" وموضعه نصب لأنّ قالوا أخذ عمدته بخلاف "لا تفسدوا، موضعه رفع، لأنه عمدة قيل ".
وبمثل هذا التوجيه عرض لقوله تعالى: (قَالُوا أنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهَاء) فقال: "أنؤمن": هي مفعول "قالوا" بنفسه وليس موضوعاً موضع المفعول به على حسب ما تقدم في قول العرب: زعموا مطية الكذب، وكما قال صلى الله عليه وسلم: "الحمدُ لِلّهِ تَملأُ الميزان وسبحان اللَّه تملأ أو تملاَن ما بين السماء والأرض.. ".
وقد سبق إلى قريب من هذا القول الزمخشري، قال توجيه الآية الكريمة: (وَإذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي اَلأرْضِ..) :
(وإذا قلت: كيف صح أن يُسند "قيل " إلى "لا تفسدوا" و"آمنوا" وإسنادُ الفعل إلى الفعل لا يصح؟.
قلت: الذي لا يصح إسناد الفعل إلى معنى الفعل، وهذا إسنادُ إلى لفظة، كأنه قيل: لهم هذا القول أو هذا الكلام. فهو نحو: ألِفٌ ضرب من ثلاثة أحرف، ومنه: زعموا مطية الكذب (٣).
(٢) سورة البقرة آية: ٦.
(٣) ينظر الكشاف ١/ ١٨١.