وقد رد العكبري ما ذهب إليه الزمخشري وجعل القائم مقام الفعل مضمر يفسره سوق الكلام، وتابعه أبو حيان مع زيادة في البيان وتوجيه الرد على الزمخشري (١).
رابعاً: تَعدي الفعل "زاد" ولزومه:
يأتي الفعل "زَادَ" مُتعدياً ولازماً، والأكثر في المتَعَدِّي أنْ يأتي من باب كسا وأعطى، ولكنَّ ابن أبي الربيع أورد قسماً ثالثاً يكون فيه هذا الفعل مُتعديّاً لمفعولٍ واحد.. وهذا التقسيم قلمّا رُوعي في تصانيف المتقدمين وتفاسير المفسرين ولا أظنّ ابن أبي الربيع انفرد به، وإنما له سلفٌ فيما ذهب إليه لكنه لم يشتهر به، وأكثر ما يرد هذا التقسيم في كتب اللغة فلعلّ ابن أبي الربيع أفاد منها وأخذ عنها ما أضافه هنا. قال في توجيه الآية الكريمة: (فَزَادهمُ اللَّهُ مَرَضاً) (٢) :
اعْلم أنّ زاد يأتي على ثلاثة أقسام:
أحدُها: أن يكون غير مُتعدٍ، فنقول: زاد المالُ بمعنى كثُرَ، هذه لا تتعدَّى كما أنَّ كثُرَ لا تتعدى، ومن هذا زاد إيمانُ زيد على إيمان عمرو، فإذا قلت: زاد المالُ درهما فالدّرْهمُ اسمٌ في موضع المصدر بمنزلة قوله: ضربت سوطاً، وبمنزلة قوله تعالى: (فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً) فشيءٌ على هذا وُضِعَ موضعَ المصدر، والمعنى: لَنْ يَضُرَّ ضرراً قليلاً ولا كثيراً، ومِنْ هذا: ما زدته زيالاً، والزيال ما تحمله النملة في فيها. هذه كلها أسماءٌ وضعت موضع المصدر.
الثاني: أن تكون متعدية إلى مفعولٍ واحدٍ، فتقول!: زدت المال، أيّ جعلتُهُ يزيدُ.
الثالث: أن تتعدى إلى مفعولين، قال تعالى: (وَإذَا مَا أُنزِلَتْ سُوَرَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيَّكُمْ زَادَتْهُ هَذهِ إِيمَاناً، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادْتُهْم إيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) (٣).

(١) ينظر إملاء ما من به الرحمن ١/١٨، والبحر المحيط١/١٠٦، والدر المصون١/١٣٦.
(٢) سورة البقرة آية: ١٠.
(٣) سورة التوبة آية: ١٢٤، ١٢٥.


الصفحة التالية
Icon