فزاد في هذه الآية تتعدى إلى مفعولين، وكذلك (فَزَادهمُ اللَّهُ مَرَضاً) تتعدى إلى مفعولين (١).
خامساً: مجيء الباء بمعنى الهمزة:
ذهب ابن أبي الربيع إلى أنَّ الباء الجارة بعد الفعل اللازم تكون بمعنى الهمزة في إيصال الفعل اللازم إلى المفعول به، واحتج بالسّماع وإجماع النحويين، وردَّ ما ذهب إليه المبرد والزمخشري في القول بالفرق بين الحرفين. قال في توجيه الآية الكريمة: (فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بنُورِهِمْ) :
(.. الباءُ بمعنى الهمزةَ، والمعنى: أذْهب اللَّهُ نُورهُم، والباءُ بمعنى الهمزة جاء كثيراً، قال امرؤ القيس:
كما زَلَّتِ الصَّفْواءُ بالمتَنَزّلِ.
وأنشد أبو على:

دِيارُ التَّي كادَتْ ونَحنُ على مِنًى تَحُلُّ بنا لَولا نَجاءُ الرَّكائِبِ
وقال تعالى: (ما إِنّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالْعُصْبَةِ..).
وقال ثعلبُ: ذهبتُ به وأذهَبْتُهُ، وَدخَلْتُ به الدّارَ وأَدْخلْتُهُ.. إلى أَنْ يَقُول:
ولا أعلم بين النحويين خلافاً في أن الباء تكون على معنى الهمزة إلاّ المُبرِّد قال: بين الهمزة والباء هنا فرق. وذلك أنك إذا قلت: أَذْهَبْتُ زيداً، المعنى: جَعَلْتَهُ يَذْهبُ وإنْ كُنتَ غير ذاهِبٍ؛ وإذا قلت: ذهبت بزيدٍ، فلا تقولُ حتى تذهب معه (٢)، وتَبعهُ على ذلك الزمخشري (٣). واعْتلال محمد بن يزيد لما سَبقَ- حُجَّةَ عَلَيْهِ- أنَّه على القَلْبِ، وهذا اعْتِلاَلٌ بعيدٌ؛ لأنَّ القلبَ قليلٌ، وهذا كثير، فقد جاء في القرآن في مواضع عدّةٍ. (٧٧)
(١) ينظر معاني القرآن للأخفش ١/ ٣٩، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٨٦/١، وإعراب القرآن للنحاس ١/١٣٦، والحجة لأبى على الفارسي ١/٣٢٥.
(٢) ١ أقف على ما نسب للمبرد في المقتضب ولا يى الكامل، لكنّ ذكر له هذا القول في البحر المحيط ١/ ١٣٠، والجنى الدانى ١٠٧، وقد تابعه السّهيلي في روض الأنف ٣/٤١٢- ٤١٣.
(٣) ينظر الكشاف ١/ ٢٠٠- ٢٠١.


الصفحة التالية
Icon