منقطع ١، و"لا" في (ولا الضّالِين) زائدة كزيادة لا في قولهم: ليس زيد ولا عمرو.. وذهب بعض المتأَخِّرين إلى الحال.. ٢ وفيه عندي بعد؛ لأنّ المعنى أَنعمَتْ عَلَيْهِم في هذهِ الْحَالِ. وهَذا مَعْلُومٌ أَنَّ المنعَمَ عَلَيْهِم لا يكُونُ إلاَ في هذه الحالِ، إِلا أَنْ يَقُولَ: هِيَ حَالٌ مُؤكِّدَةٌ.
وَمَنْ ذهَبَ إلى أنه مَنصُوبٌ بإِضمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ: أَعْني ٣ غَيْرَ المغضوبِ هذا بَعْدُ أبْينُ لا يَحْتاجُ إلى بَيانٍ. مَعْلُومٌ أنَّ المنعَمَ عَلَيْهِم لَيْسُوا مَنْ غَضِبَ الله عَلَيْهِم، وَلَيْسوا مَنْ ضَلَّ، فَكْيفَ يُقالُ: أعني هذا.
وَالأَمْرُ بَيّنٌ أنَّ هذا يعني هذا بعيدٌ وَخارِجٌ عَنْ طَريقِ كَلامِ الْعَرَبِ، وَأَبْينُ عندي مَا فيه أَنْ يكونَ استثناءً منقطعاً، وَعَلَيْهِم في مَوْضِعَ رَفِع، لأِنَّهُ مفعولٌ بمغضُوبِ لم يُذكر فاعله. فَيكُونُ مَرْفوعاً كما تَقُولُ: مُرَّ بزيدٍ والهاءُ والميمُ مِنْ عَلَيْهِم تَعوُدُ إلى الأَلِفَ واللاّم فِيْمَنْ جَعَلَها اسْماً، وَمَنْ جَعَلَها حَرْفاً- وَهُوَ الصّحيحُ، لأنّكَ لا تجَدُ اسماً لا ظاهِراً وَلا مُضمَراً لا مُتّصِلاً وَلا مُنْفَصِلاَ علي حَرفٍ وَاحدٍ ساكنٍ - فَيَكُون الضمير عائداً على الذين، لأنَّ معنى اْلمغْضُوبِ الَّذِينَ غضِبَ عَلَيْهِم، وكذلِكَ قالَ أبو عليّ في الإِيْضَاحِ: إذا أخبرتَ عَنْ نَفْسِكَ مِن ضرب زيدٍ بالأَلِفِ واللاَّم قُلْتَ: الضَّارِبُ زيداً أنا، ففي كل واحِدٍ من ضَرَبٍ وَالضَّارِبِ ذِكْرٌ يعوُدُ إلى الذي ٤
والمغضُوبُ عَلَيْهِم هُمْ الْيَهُودُ وَمَنْ شَاكَلَهُم في تعنُّتِهِم وتبديلهم الحقّ مَعَ مَعْرِفَتِهِ،

١هذا هو الإِعراب الأول لأبي الحسن الأخفش كما في كتابه معاني القرآن ١٨/١، والسبعة في القراءات ١١٢، وبقية المصادر السابقة.
٢هذا هو الإِعراب الثاني للأخفش. ينظر المصادر السابقة، وإعراب القرآن للنحاس ١/ ١٢٥. وذهب إليه الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٥٣/١، وابن السهل فيما نقل عنه أبو على في الحجة ٤٢/١ ا-١٤٣، وبه قال الزمخشرى في الكشاف ١/ ٧١، وهو المعنى في قول ابن أبى الربيع: وذهب بعض المتأخرين.. ويبدو أن ابن أبى الربيع أيقف على إعراب الأخفش، أو لم يثبت عنده، وبعيد أن يكون قصده ببعض المتأخرين الأخفش.
٣ ينظر مشكل إعراب القرآن ١٣/١، والتبيان في غريب إعراب القرآن ١/ ٤٠، والفريد في إعراب القرآن المجيد ١٧٦/١.
٤ينظر الإيضاح ٥٨/١.


الصفحة التالية
Icon