أحدهم ينفق في نزهته وشهوة نفسه الأموال العريضة، وإذا أتاه فقير يسأله درهماً أو درهمين، تَمَعَّر «١» وجهه، وتغير لونه، فبشرهم بعذاب أليم. وبالله التوفيق.
ولمّا ذكر وعيد من لم يزك كنزه، ذكر الحول التي تجب به الزكاة، فقال:
[سورة التوبة (٩) : آية ٣٦]
إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦)
قلت: (عند الله) : معمول لعدة لأنها مصدر، و (في كتاب الله) : صفة لاثني عشر، و (يوم) : متعلق بالثبوت المقدر في الخبر، أي: ثابتة في كتاب الله يوم خلق الأكوان والزمان، وقوله: (منها) : أي: الأشهر، ثم قال: (فيهن).
وضابط الضمير إن عاد على الجماعة المؤنثة، حقيقة أو مجازاً، إن كانت أكثر من عشرة، قلتَ: منها وفيها، وإن كانت أقل من عشرة، قلت: منهن وفيهن، قال تعالى: يَأْكُلُهُنَّ «٢» وقال هنا: (فيهن). انظر الإتقان. و (كافة) :
حال من الفاعل أو المفعول.
يقول الحق جلّ جلاله: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ في كل سنة عِنْدَ اللَّهِ في علم تقديره، اثْنا عَشَرَ شَهْراً: أولها المحرم، وآخرها ذو الحجة. وأول من جعل أولها المحرم: عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
وهذه العدة ثابتة فِي كِتابِ اللَّهِ اللوح المحفوظ، أو في حكمه، أو القرآن، يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، أي: هذا أمر ثابت في نفس الأمر منذ خلق الله الأجرام والأزمنة، مِنْها أي: الأشهر أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ واحد فرد، وهو رجب، وثلاثة سَرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أي: تحريم الأشهر الحرم هو الدين القويم، دين إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- وتمسكت به العرب حتى غيَّره بعضهم بالنسيء، فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ بهتك حرمتها والقتال فيها، ثم نسخ بقوله: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً أي: في الأزمنة كلها كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً لأنهم، إن قاتلتموهم فيها قاتلوكم فهذا نسخ لتحريم القتال في الأشهر الحرم.
مكان أمعر، وهو الجدب الذي لا خصب فيه | انظر النهاية فى غريب الحديث (معر)، واللسان (معر). |