وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ «١». وقيل: الظالمين على العموم. هـ. وقال البيضاوي: وعنه- عليه الصلاة والسلام: «أَنَّهُ سَأَلَ جِبريل، فَقَال: يَعني: ظَالِمي أُمتِكَ، مَا مِنْ ظَالمٍ منهم إِلاَّ وهو معرض لحجر يسقط عليه مَنْ سَاعَةٍ» إلى ساعة» «٢». هـ.
الإشارة: الاعتناء بشأن الأضياف، وحفظ حرمتهم: من شأن الكرام، والاستخفاف بحقهم، والتجاسر عليهم، من فعل اللئام. وفي الحديث: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَليُكرمْ ضَيفَهُ». والإسراع إلى الفواحش من علامة الهلاك، لا سيما اللواطَ والسفاح. والإيواء إلى الله والاعتصام به من علامة الفلاح، والبعد عن ساحة أهل الفساد من شيم أهل الصلاح، وكل من اشتغل بالظلم والفساد فالرمي بالحجارة إليه بالمرصاد.
ثم ذكر قصة شعيب، فقال:
[سورة هود (١١) : الآيات ٨٤ الى ٨٦]
وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤) وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦)
قلت: «مفسدين» : حال مؤكده لمعنى عاملها، وهو: «لا تعثوا». وفائدة ذكره: إخراج ما يقصد به الإصلاح، كما فعله الخضر عليه السلام.
يقول الحق جلّ جلاله: وَأرسلنا إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً، أراد أولاد مدين بن إبراهيم عليه السلام أو أهل مدين، وهي بلدهُ، فسميت باسمه، قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ، وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ، وكانوا مطففين. أمرهم أولاً بالتوحيد فإنه رأس الأمر، ثم نهاهم عما اعتادوه من: البخس المنافي للعدل، المخل بحكمة المعاوضة، ثم قال لهم: إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ بسعة كرخص الأسعار، وكثرة الأرزاق، فينبغي أن تشكروا عليها، وتتعففوا بها عن البخس، لا أن تنقضوا الناس حقوقهم، أو بسعة ونعمة، فلا
(٢) عزاه فى الفتح السماوي (٢/ ٧٢١) للثعلبى مرفوعا، بغير إسناد.