الخلق يبلغ درجة الصائم القائم " وبقوله: " أفضل ما أُعطي المرء الخلق الحسن " في أحاديث كثيرة. وبالله التوفيق.
الإشارة: قد يُقال: أشار بقوله: ﴿ن﴾ إلى سرعة إنفاذ أمره بين الكاف والنون، ثم أقسم بالقلم على تنزيه نبيه من الجنون، ويُقال مثل ذلك لخلفائه، إذا رُمُوا بالجنون أو السحر أو سخافة العقل، ويُقال لهم في إرشاد الناس وتذكيرهم ما قيل لنبيّهم: ﴿وإِنَّ لك لأجراً غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم﴾، فحُسن الخلق دليل على ثبوت الخصوصية، وعدمه دليل على عدم وجودها؛ لأنّ الخمرة إذا دخلت القلب والروح هَذّبت أخلاقهما، وطهّرت أكدارهما، وما تُبقي إلاَّ الذهب الإبريز.
وقال شيخ شيوخنا، سيدي عبد الرحمن العارف: كان ﷺ على خُلقٍ عظيم؛ لشرح صدره بالنور، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح: ١]، ولحديث شرح صدره وشقه وتطهيره، ونزع حظ الشيطان منه، ثم إفراغ الحكمة والنور فيه، حتى مُلىء بذلك، فكان شيئاً محضاً لله تعالى، لا تعلُّق له بغيره، فناسب القرأن، وصار خُلقاً له، منقوشاَ فيه، من غير روية، ولا تكسب في ذلك، بل طُبع على ذلك، وسرى فيه أمر الوحي، وجرى على مقتضاه في جميع أحواله، ولذلك تجد السُنة مشرعة من القرآن، وخارجة منه خروج اللبن من الضرع، والزبد من اللبن، فصار متخلّقاً بالقرآن، وفي الحقيقة متخلّقاً بخُلق الله، ومظهرَ أوصافه، ومجلاة سره وشأنه، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ﴾ [الفتح: ١٠] الآية، ومَن رآه فقد رأى الحق. والله أعلم. هـ. فعائشة رضي الله عنها احتشمت وسترت حيث عبّرت بالقرآن، ولم تقل كان خلقه خلق الرحمن.
يقول الحق جلّ جلاله: ﴿فسَتُبْصِرُ﴾ يا محمد ﴿ويُبصرون﴾ أي: كفارُ قريش عاقبةَ أمرك