بمضمر هو حال من " سُبلاً " أي: كائنة منها، ولو تأخر لكان صفة لهما. الإشارة: تقدّم تفسير سبع سموات الأرواح، والقمر قمر التوحيد البرهاني، والشمس: شمس المعرفة، والله أنبت بشريتكم من الأرض نباتاً، ثم يُعيدكم فيها بالبقاء بعد الفناء؛ لتقوموا برسم العبودية، ثم يُخرجكم منها إلى صعود عرش الحضرة، والله جعل لكم أرض العبودية بِساطاً؛ لتسلكوا منها إلى الله في طرق واسعة، قررها أئمة الطريق من الكتاب والسنّة وإلهام العارفين ومواجيد العاشقين. وبالله التوفيق.
يقول الحق جل جلاله: ﴿قال نوحٌ ربِّ﴾ أي: يارب ﴿إِنهم عَصَوْنِي﴾ أي: داموا على عصياني فيما أمرتهم، مع ما بلغت في إرشادهم بالعظة والتذكير، ولمّا كان عصيانهم مستبعداً لكونه منكراً فظيعاً؛ لأنَّ طاعة الرسول واجبة، فأصرُّوا على عصيانه، وعاملوه بأقبح الأحوال والأفعال، أكّد الجملة بإنَّ، ﴿واتَّبعوا﴾ أي: اتبع فقراؤهم ﴿مَن لم يزده مالُه وولدُه إِلاَّ خساراً﴾، وهم رؤساؤهم، أي: استمروا على اتباع رؤسائهم، الذين أبطرتهم أموالُهم، وغرّتهم أولادُهم، وصار ذلك سبباً لزيادة خسارهم في الآخرة، فصاروا أسوة لهم في الخسران. وفي وصفهم بذلك إشعار بأنهم إنما ابتعوهم لوجَاهتهم الحاصلة لهم بسبب الأموال والأولاد، لِما شاهدوا فيهم من شبهة مصحِّحة للاتباع في الجملة. ومَن قرأ بسكون اللام فجمع ولد، كأسَد، وأُسْد.
﴿ومَكَروا﴾ : عطف على صلة " مَنْ "، والجمع باعتبار معناه، كما أنَّ الإفراد في الضمائر الأُوَل باعتبار لفظها، والماكرون هم الرؤساء، ومكرهم: احتيالهم في الدين، وكيدهم لنوح، وتحريش الناس على أذاه، وصد الناس عن الميل إليه، ﴿مكراً كُبّاراً﴾ ؛ عظيماً في الغاية، وهو أكبر من " الكُبَار " بالتخفيف، وقُرىء به، والكُبَّار: أكبر من الكبير، وقُرىء شاذًّا بالكسر جمع كبير. ﴿وقالوا لا تَذَرُنَّ آلهتكم﴾ أي: لا تتركوا عبادتها على العموم إلى عبادة رب نوح، ﴿ولا تَذَرُنَّ وَدًّا﴾ بفتح الواو، وضمها لغتان: صنم على صورة رجل، ﴿ولا سُوَاعاً﴾ ؛ صنم على صورة امرأة، ﴿ولا يَغُوثَ﴾ ؛ صنم على صورة أسد،