أنها الملائكة؛ لأنَّ الوصف بالفارقات أليق بهم، ولذلك عطف المتجانسين بالفاء، ثم عطف ما ليس من جنسهما بالواو. هـ مختصراً.
ثم ذكر المُقْسَم عليه، فقال: ﴿إِنَّ ما تُوعدون﴾ أي: إن الذي تُوعدونه من مجيء يوم القيامة ونزول العذاب بكم ﴿لواقع﴾ لا محالة.
الإشارة: أقسم تعالى بنفوس العارفين، المرسَلة إلى كل عصر، بما يُعرف ويُستحس شرعاً وطبعاً، من التطهير من الرذائل والتحلية بالفضائل، فعصفت البدعَ والغفلة من أقطار الأرض عصفاً، ونشرت الهداية في أقطار البلاد، وحييت بهم العباد، ففرقت بين الحق والباطل، وبين أهل الغفلة واليقظة، وبين أهل الحجاب وأهل العيان، فألقت في قلوب مَن صَحبها ذكراً حتى سرى في جميع أركانها، فأظهرت عُذراً للمنتسبين الذاكرين، ونُذراً للمنكرين، الغافلين. قال البيضاوي: أو أقسم بالنفوس الكاملة المرسلة إلى الأبدان لاستكمالها، فعصفن ما سوى الحق، ونشرن أثر ذلك في جميع الأعضاء، وفرقن بين الحق بذاته، والباطل في نفسه، فرأوا كل شيء هالكاً إلاّ وجهه، وألقين ذكراً، بحيث لا يكون في القلوب والألسنة إلاّ ذكر الله تعالى. هـ.
يقول الحق جلّ جلاله: ﴿فإِذا النجومُ طُمِستْ﴾ ؛ مُحيت ومُحقت، أو ذُهب بنورها. وجواب " إذا " محذوف، وهو العامل فيها، أي: وقع الفصل ونحوه، أو: وقع ما وُعدتم به. و " النجوم ": فاعل بمحذوف يُفسره ما بعده، ﴿وإِذا السماءُ فُرِجَتْ﴾ ؛ فُتحت، فكانت أبواباً لنزول الملائكة، ﴿وإِذا الجبال نُسِفَتْ﴾ ؛ قُطعت من أماكنها، وأُخذت من مقارها بسرعة، فكانت هباءً منبثاً، ﴿وإِذا الرُسل أُقِتَتْ﴾ أي: وُقتت وعُين لهم الوقت الذي يحضرون للشهادة على أممهم، فَفَجَأن ذلك الوقت، وجُمعت للشهادة على أممهم، أي: وإذا الرسل عاينت الوقت الذي كانت تنتظره، ﴿لأيَّ يوم أُجِّلَتْ﴾ أي: ليوم عظيم أخّرت وأُمهلت، وفيه تعظيم لليوم، وتعجيب من هوله. والتأجيل من الأجل، كالتوقيت من الوقت.
ثم بيّن ذلك اليوم، فقال: ﴿ليوم الفصْلِ﴾ أي: أُجِّلت ليوم يفصل فيه بين الخلائق، وقال ابن عطاء: هو اليوم الذي يفصل فيه بين المرء وقرنائه وإخوانه وخِلاّنه، إلاّ ما كان منها لله وفي الله. هـ. وهو داخل في الفصل بين الخلائق، وجزء من جزئياته، ﴿وما أدراك ما يومُ الفصل﴾ أي: أيُّ شيء جعلك دارياً ما هو يوم الفصل، فوضع الظاهر موضع