بقوله: (هو) والموحِّدين بقوله: (الله) والعارفين بقوله: (أحد) والعلماء بالباقي، ثم قال: ويُقال: خاطب خاصة الخاص بقوله: (هو) فاستقلوا، ثم خاطب الخواص بقوله (الله) فاشتغلوا، ثم زاد في البيان لمَن نزل عنهم، فقال: (أحد)، ثم نزل عنهم بالصمد، وكذلك لمَن دونهم. هـ. وقال في نوادر الأصول: هو اسم لا ضمير، من الهوية، أي: الحقيقة. انظر بقية كلامه.
سورة الفلق
يقول الحق جلّ جلاله: ﴿قلْ﴾ يا محمد ﴿أعوذُ بربِّ الفلقِ﴾ أي: أتحصّن وأستجيرُ برب الفلق. والفلق: الصُبح، كالفرق، لأنه يفلق عنه الليل، فعل بمعنى مفعول. وقيل: هو كل ما يفلقه الله تعالى، كالأرض عن النبات، والجبال عن العيون، والسحاب عن الأمطار، والحب والنوى عما يخرج منهما، والبطون والفروج عما يخرج منهما، وغير ذلك مما يفلق ويخرج منه شيء. وقيل: هو جب في جهنم.
وفي تعليق العياذ بالرب، المضاف إلى الفلق، المنبىء عن النور بعد الظلمة، وعن السعة بعد الضيق، والفتق بعد الرتَق، عِدَة كريمة بإعاذة العامة مما يتعوّذ منه، وإنجائه منه وفَلْق ما عقد له من السحر وانحلاله عنه، وتقوية رجائه بتذكير بعض نظائره، ومزيد ترغيب في الاعتناء بقرع باب الالتجاء إلى الله تعالى.
قال شيخ شيوخنا، سيدي عبد الرحمن العارف: والحاصل: أنَّ الإشارة بـ " هو " مختصة بأهل الاستغراق والتحقُّق في الهوية الحقيقة، فلانطباق بحر الأحدية عليهم، وانكشاف الوجود الحقيقي لديهم، فقدوا مَن يشار إليه إلاّ هو، لأنّ المُشار إليه لمّا كان واحداً كانت الإشارة مطلقة لا تكون إلاّ إليه، لفقد ما سواه في شعورهم، لفنائهم عن الرسوم البشرية بالكلية، وغيبتهم عن وجودهم، وعن إحساسهم وأوصافهم الكونية، وذلك غاية في التوحيد والإعظام. منحنا اللهُ ذلك على الدوام، وجعلنا من أهله، ببركة نبيه عليه الصلاة والسلام. وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وآله.