يقول: إن شئتم أن أُقسم لكم؛ إنه لا يدخل أحد عالَم الملكوت وفي قلبه علقة. هـ. ﴿ومَن يتق الله﴾ أي: يعزم على البر والتقوى يجعل له تعالى من أمره يُسراً، يُسهّل عليه طريق السلوك، ويكفيه كلَّ ما يُثقله ويشغله عنه، إما بإزالة ذلك له، أو بغيبته عن شؤونه، ومَن يتق الله بالفعل يُكَفِّر عنه سيئاتِه، أي: يُغطّي عنه أوصافه الذميمة بأوصافه الحميدة، ويُعظم له أجراً بأن يفتح له باب مشاهدته. والله تعالى أعلم.
يقول الحق جل جلاله: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ﴾ أي: المطلَقات ﴿من حيثُ سَكَنتم﴾ أي: مكاناً من حيث سكنتم، فـ " من " للتبعيض، أي: بعض مكانِ سكناكم. قال قتادة: لو لم يكن له إلاّ بيت واحد سكنها في بعض جوانبه. ﴿من وُجْدِكُم﴾ أي: وُسْعِكم، أي: ما تطيقونه، فهو عطف بيان، أو بدل. قال أبو حيان: لا يُعرف عطف بيان يعاد فيه العامل، إنما هذا طريقة البدل مع حرف الجر، ولذلك أعربه أبو البقاء بدلاً. هـ. والوجد، يجوز فيه الضم ـ وهو أشهر ـ والفتح والكسر.
قال ابن جزي: فأمّا المطلقات غير المبتوتة فيجب لها على زوجها السُكُنَى والنفقة اتفاقاً، وأمّا المبتوتة ففيها ثلاثة أقوال، أحدها: أنها يجب لها السكنى دون الفقة، وهو مذهب مالك والشافعي، والثاني: أنها يجب لها السكنى والنفقة، وهو مذهب أبي حنيفة، والثالث: أنها ليس لها سُكنى ولا نفقة، وهو قول محمد، وثابت البناني، وأُبي بن كعب. فحُجة مالك: حديث فاطمة بنت قيس، وهو أنَّ زوجها طلَّقها البتَّةَ، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " ليس لك عليه نفقة "، فيوخذ منه: أنَّ لها السُكْنى، وحُجة مَن أوجب لها السكنى والنفقة: قول عمر بن الخطاب: لا ندع آيةً من كتاب الله ربنا لقول امرأة، فإني سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: " لها السُكْنَى والنفقة "، وحجة مَن لم يجعل لها سكنى ولا نفقة: أنَّ في بعض الروايات عنها ـ أي: فاطمة بنت قيس ـ أنها قالت: " لم يجعل لي رسولُ الله ﷺ نفقة ولا سُكْنَى ".
﴿ولا تُضارُّوهُنَّ﴾ في السُّكْنَى ﴿لِتُضيِّقُوا عليهن﴾ ويُلجأن إلى الخروج، ﴿وإِن كن﴾


الصفحة التالية
Icon