ورجب وذو القعدة وذو الحجة بغير خلاف، وإنما الخلاف في أنها من
سنة، أو من عامين.
فأهل المدينة يجعلونها في عامين، يقولون: ذو القعدة وذو الحجة
ومحرم ورجب، وقال أهل العراق: أولها محرم، فتكون من عام واحد.
وقوله عز وجل: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)
قال بعض مؤلفي الناسخ والمنسوخ: أكثر العلماء على أنها ناسخة لما كان مباحاً من شرب الخمر، قال: لأن الله تعالى أخبرنا أن في الخمر إثماً، وأخبرنا أن الإثم محرم بقوله عز وجل: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ)
قال: فنص على أن الإثم محرم، وأخبر أن في شرب الخمر إثماً، فهي محرمة بالنص الظاهر الذي لا إشكال فيه.
قال: وما حرُم كثيره فقليله حرام، كلحم الميتة، والخنزير، والدم.
وسورة البقرة مدنية فلا يعترض على ما فيها بما في الأنعام المكية في
قوله: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ) ؛ لأن هذا التحريم نزل بمكة، والخمر نزل تحريمها بالمدينة، وزادنا الله في تأكيد تحريم الخمر بقوله: (فَهَلْ أَئتُمْ مُنتهُونَ) فهذا تهديد، ووعيد يَدُلان على تأكيد تحريم الخمر، وزاد ذلك بياناً قول النبي - ﷺ -:
"حُرمَتِ الخمرُ بعَيْيهَاْ، والمسكرُ من غيرها".
وأكدَّ الله تعالى ذلك وحققه بقوله: