غيرهم، ثم استثنى، فقال: (إلا من ظلم) فإن هذا لا يخاف، تقول:
كان مشركاً فتاب، وعمل حسناً فذلك مغفور له، ليس يخاف، وردّ
عليه هذا القول.
وقيل: الاستثناء من محذوف لا يجوز؛ لأنه لا يعلم ما هو؟
قالوا: ولو جاز هذا لجاز: "لا أضرب القوم إلَّا زيداً"
على معنى وأضرب غيرهم إلا زيداً، وهذا ضد البيان، ونقض الكلام، وليس هذا الرد بشيء، لأن قوله: (لا يخاف لدي المرسلون) يدل على
خوف غيرهم، وقوله: (إلا من ظلم) يدل على أن المعنى: إنما يخاف
الظالمون إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء) فإني غفور رحيم)، أي
فإني أغفر له فلا يخاف.
ففي الكلام ما يدل على ما صار إليه الفراء، وليس في المثال الذي ضربوه له دليل، فعلى هذا يكون الاستثناء متصلًا، ويكون الوقف على (المرسلون) كافياً، و (إلا) متعلق بمحذوف، ويجوز الابتداء ب (إلا)، كان المحذوف قد ابتدئ به معها كما يبتدأ بقوله تعالى: (قادرين) في القيامة والتقدير: بجمعها
قادرين.
قال الفراء: وقد قال بعض النحوير: إن (إلا) في اللغة بمنزلة
الواو، وإنما معنى هذه الآية: لا يخاف لدي المرسلون ولا من ظلم ثم
بدل حسناً، قال: وجعلوا مثله قول الله تبارك، وتعالى: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ)
قال: ولم أجد العربية تحتمل ما قالوا؛ لأني لا أجيز:
"قام الناس إلا عبد الله "


الصفحة التالية
Icon