بالقلوبِ، كالخشيةِ للهِ ومحبتِهِ ورجائه والرضا بقضائِهِ والتوكلِ عليه، ونحوِ
ذلك.
أو المفعولةِ بالجوارح كالصلاةِ والصيامِ والصدقةِ والحجِّ والجهادِ والذكرِ
والأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكرِ ونحوِ ذلك.
وكلُّ ذلك داخل في مسمَّى الإيمانِ عندَ السلفِ وأهلِ الحديثِ ومَنْ
وافقَهم، كما سبقَ ذكرُهُ.
واستدلَّ - أيضًا - بقولِهِ تعالى: (وَيَزْدَادَ الَذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا).
وفي معنى هذه الآيةِ: قولُهُ تعالى: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادتْهمْ إِيمَانًا)، وقولُهُ: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا).
ويفسَّر الإيمانُ في هذهِ الآياتِ بمثلِ ما فُسَر به الهدَى في الآياتِ المتقدمةِ.
واستدلَّ - أيضًا - بقولِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ: (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكمْ دِينَكُمْ)، فدلَّ على أنَّ الدِّينَ ذو أجزاءِ، يكملُ بكمالِها، وينقصُ بفواتِ
بعضِها.
وهذه الآيةُ نزلتْ في آخرِ حياةِ النبيِّ - ﷺ - في حجةِ الوداع، وقد قيلَ: إنه لم ينزلْ بعدَها حلالٌ ولا حرام، كما قالَهُ السديُّ وغيرُه.
وكذا قالَ علي بنُ أبي طلحةَ عنِ ابنِ عباسِ: قال: بعثَ اللَهُ نبيَّه بشهادةِ
أن لا إله إلا اللَهُ، فلما صدَّق بها الؤمنون زادَهم الصلاةَ، فلما صدَّقوا بها
زادَهُم الصيامَ، فلما صدَّقوا به زادهم الزكاةَ، فلما صدَّقوا بها زادَهم الحجَّ، فلمَّا صدَّقوا به زادَهم الجهادَ، ثم أكملَ اللَهُ لهم دينَهم، فقال:
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي).
ومعلوم أنَّ النبىَّ - ﷺ - وأصحابَهُ لم يحجوا حجةَ الفرضِ إلا ذلك العامَ،


الصفحة التالية
Icon