والعيدُ الثاني: أكبرُ العيدينِ، عندَ تمامِ حجِّهم، بإدراكِ حجِّهم بالوقوفِ
بعرفةَ، وهو يومُ العتقِ منَ النارِ، ولا يحصل العتقُ من النارِ والمغفرةُ للذنوبِ
والأوزارِ في يومٍ من أيامِ السنةِ أكثرَ منه، فجعلَ اللَّهُ عقبَ ذلك عيدًا.
بل هو العيدُ الأكبرُ، فيكملُ أهلُ الموسم فيه مناسكَهم، ويقضُون فيه
تفثَهم، ويوفونَ نذورَهم، ويطوفونَ بالبيتِ العتيقِ.
ويشاركُهُم أهلُ الأمصارِ في هذا العيدِ؛ فإنَّه يشاركونَهم في يومِ عرفةَ في
العتقِ والمغفرة، وإنْ لم يشاركوهم في الوقوفِ بعرفةَ، لأنَّ الحجَّ فريضةُ العمرِ
لا فريضةَ كلًّ عامٍ، بخلافِ الصيامِ.
ويكون شكرُ عيدِ أهلِ الأمصارِ: الصلاةُ والنحرُ، والنحرُ أفضلُ من
الصدقةِ التي في يومِ الفطرِ، ولهذا أمرَ اللَّهُ نبيَّه - ﷺ - أن يشكر نعمته عليه بإعطائهِ الكوثَرَ بالصلاةِ له والنَّحْرِ، كما شرع ذلك لإبراهيمَ خليلِهِ - عليه السلامُ - عند أمرِه بذبح ولدِه وافتدائِهِ بذبْح عظيم.
وأمَّا عيدُ الأسبوع، فهو يومُ الجمعةِ، وهو متعلقٌ بإكمالِ فريضة الصلاةِ.
فإنَّ اللَّهَ فرضَ على عبادِهِ المسلمينَ الصلاةَ كلَّ يومٍ وليلةٍ خمسَ مرَّاتٍ، فإذا
كمُلَتْ أيامُ الأسبوع التي تدورُ الدنيا عليهَا، وأكملُوا صلاتَهم عليها، شرعَ لهم يومَ إكمالِهَا - وهوَ اليومُ الذي انتهى فيه الخلقُ، وفيه خُلِقَ آدمُ، وأُدخلَ الجنَّةَ - عيدًا، يجتمعونَ فيه على صلاةِ الجمعةِ.
وشرع لهم الخطبة تذكيرًا بنعم اللَّهِ عليهم، وحثّا لهم على شكرها، وجعلَ