غبارٌ يعلق باليدِ، فإن قوله: (مِّنْهُ)، يقتضي أن يكونَ الممسوحُ به
الوجهُ واليدان بعض الصعيدِ، ولا يمكنُ ذلك إلا فيما له غبارٌ يَعْلَق باليد حتى
يقع المسح به، ومَنْ خالَفَ في ذلك، جعَل "مِن" هاهُنا لأبعد الغاية، لا
للتبعيض، وهو بعيد يأباه سياق الكلامِ، واللَّهُ تعالى أعلم.
* * *
وقد أجمع العلماءُ على أنَّ مسح الوجهِ واليدينِ بالترابِ في التيمم فرضٌ
لا بدَّ منه في الجملةِ، فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ: (فَامْسَحوا بِوجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ).
ولكن اختلفوا في قَدْر الفَرْضِ من ذلك:
فأمَّا " الوجهُ ":
فمذهبُ مالكٍ والشافعيَ وأحمدَ وجمهورِ العلماءِ: أنه يجب استيعابُ
بشرتِهِ بالمسح بالترابِ، ومسْحُ ظاهرِ الشعرِ الذي عليه، وسواءٌ كان ذلك
الشعر يجب إيصالُ الماءِ إلى ما تحتَه كالشعرِ الخفيفِ الذي يَصِفُ البشرةَ، أم
لا، هذا هو الصحيحُ.
وفي مذهبِنَا ومذهبِ الشافعيِّ وجهٌ آخرُ: أنه يجب إيصالُ الترابِ إلى ما
تحتَ الشعورِ التي يجبُ إيصالُ الماءِ إلى ما تحتها، ولا يجبُ عند أصحابِنَا
إيصالُ الماءِ إلى باطنِ الفم والأنفِ، وإن وجبَ عندهم المضمضةُ والاستنشاقُ
في الوضوءِ.
وعن أبي حنيفةَ روايات، إحدَاهَا: كقولِ الشافعيِّ وأحمدَ.