والثانية: إن ترك قدرَ درْهم لم يُجزئْه، وإن تركَ دونَهُ أجْزأه.
والثالئةُ: إن تركَ دون ربع الوجهِ أجَزأه، وإلا فلا.
والرابعةُ: إن مسح أكثره وترك الأقل منه أو من الذراع أجزأه، وإلا فلا، وحكاهُ الطحاويُّ عن أبي حنيفةَ وأبي يوسفَ وزُفَرَ.
وحكى ابنُ المنذرِ، عن سُليْمان بن داودَ الهاشميِّ: أن مسحَ التيمم حُكْمُه
حكْمُ مسح الرأس في الوضوءِ، يجزئُ فيه البعضُ.
وكلامُ الإمامِ أحمدَ يدلُّ على حكايةِ الإجماع على خلافِ ذلك.
قال الجوزجانيُّ: ثنا إسماعيلُ بنُ سعيدِ الشالنجيُّ، قال: سألتُ أحمدَ بن
حنبلٍ عمن ترك مسحَ بعضِ وجههِ في التيمم؟
قال: يُعيدُ الصلاةَ. فقلتُ له:
فما بالُ الرأسِ يجزئُ في المسح ولم يَجُز أن يتركَ ذلكَ من الوجهِ في التيمم؟
فقال: لم يبلغْنا أن أحدًا تركَ ذلك من تيممه.
قال الشَّالنجي: وقال أبو أيُّوبَ - يعني: سليمانَ بنَ داودَ الهاشميَّ يجزئه
في التيمم إن لم يُصب بعضَ وجهه أو بعضَ كفَّيه، لأنه بمنزلةِ المسح على
الرأس؛ إذا تركَ منه بعضًا أجزأه.
قال الجوزجانيُّ: فذكرتُ ذلك ليحى بنِ يحيى - يعني: النَّيْسابوريَّ فقال:
المسحُ في التيمم كما يَمْسَحُ الرأسَ، لا يتعمَّد لتركِ شيء من ذلكَ، فإنْ بَقِيَ شيء منه لم يُعِدْ، وليسَ هو عندي بمنزلةِ الوضوءِ.
قال الجوزجانيُّ: لم نسمعْ أحدًا يتَّبِعُ ذلكَ من رأسِهِ في المسح، ولا بينَ
أصابِعِه في التيممِ كما يتَّبِعُوا في الوضوءِ بالتخليلِ، فأحسن الأقاويل منها ما
ذكَرَه يحيى بن يحيى: أن لا يتعمَّد تركَ شيء من ذلك، فإن بقي شيءٌ لم
يُعِد. انتهى.