حملَ المطلقِ على المقيدِ فيها، بل تيمَّمُوا إلى المناكبِ والآباطِ، وهم أعلمُ
الناسِ بلُغةِ العربِ، ثم بيَّن النبيُّ - ﷺ - أن التيممَ للوجهِ والكفينِ، وهو - أيضًا - يُنافي حمْلَ المطلقِ على المقيدِ فيها.
وذهب آخرونَ: إلى أن التيممَ يمسح فيه الكفان خاصةً.
وقد حكى ابنُ المنذرِ لأهلِ هذه المقالةِ قولينِ: أحدهما: يمسحُ الكفين إلى
الرسغينِ، وحكاه عن عليٍّ، والثاني: يمسحُ الكفين مطلقًا، قال: هو قولُ
عطاءٍ، ومكحولٍ، والشعبي، والأوزا عيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ.
قال: وبهذا نقولُ للثابتِ عن نبيِّ الله - ﷺ -، أنَّه قال: "التيممُ ضربة للوجهِ والكفينِ ".
قلتُ: هذا يُوهم أن من قالَ بمسح الوجهِ والكفين، أنه لا ينتهي مسحُهُما
إلى الكوعين، وهذا كما حكاهُ ابنُ عطيّة عن الضعبيِّ، كما سبق عنه، وليس
هذا قولُ الأئمةِ المشهورينَ.
وقد روى داودُ بنُ الحُصَيْنِ، عن عكرمة، عن ابنِ عباسٍ، أنه سُئل عن
التيمم، فقال: إنَّ اللَّهَ قال في كتابِهِ حينَ ذكر الوضوءَ:
(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُم وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)، وقال في التيممِ: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكمْ وَأَيدِيكُم منه)، وقال: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)، فكانتِ السُّنةُ في القطع الكفين، إنما هو: الوجهُ والكفينِ - يعني: التيمم.
خرَّجه الترمذيُّ، وقال: حسنٌ صحيحٌ غريب.
وروى الحكمُ بنُ أبانِ، عن عكرمةَ هذا المعنى - أيضًا.