الخمسِ، التي هي مفاتحُ الغيبِ، التي قال فيها: (وَعِندَهُ مَفَاتِح الْغَيبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ).
وهذه الخمسُ المذكورةُ في حديثِ ابنِ عمرَ، ليسَ فيها علمُ الساعةِ، بل
فيها ذكرُ متى يجيءُ المطرُ بدلَ الساعةِ.
وهذا مما يدلُّ على أن علمَ اللَّهِ الذي استأثر به دونَ خلْقِهِ لم ينحصرْ في
خمسٍ، بلْ هو أكثرُ من ذلكَ، مثلُ علمِهِ بعددِ خلقِهِ، كما قال:
(وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ).
ومثلُ استئثاره بعلمِهِ بذاتِهِ وصفاتِهِ وأسمائِهِ، كما قال: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ
عِلْمًا).
وفي حديثِ ابنِ مسعودٍ - في ذكرِ أسمائِهِ -: "أو استأثرتَ به في علم الغيْبِ
عندك ".
وإنَّما ذُكرَتْ هذه الخمسُ لحاجةِ الناسِ إلى معرفةِ اختصاصِ اللَّهِ بعلمِها.
والعلم بمجموعِها مما اختصَّ اللَّهُ بعلمِهِ، وكذلكَ العلمُ القاطعُ بكلِّ فردٍ فردٍ
من أفرادِها.
وأمَّا الاطّلاع على شيءٍ يسيرٍ من أفرادِها بطريقٍ غيرِ قاطع، بل يحتملُ
الخطأ والإصابةَ هو غيرُ منفيٍّ، لأنه لا يدخلُ في العلم الذي اختصَّ اللَّهُ به.
ونفاهُ عن غير.
وتقدَّمَ - أيضًا - أن النبيَّ - ﷺ - أوتيَ علمَ كلِّ شيءٍ، إلا هذه الخمسَ.
فأمَّا إطْلاع اللَّهِ سبحانه له على شيءٍ من أفْرادِها، فإنه غيرُ منفي - أيضًا -


الصفحة التالية
Icon