والشبهاتِ، وجعلَ في النَّفْسِ داعِيًا إلى حبِّها مع تمكِّنِ العبدِ منهَا وقُدرتِهِ
فمن أدَّى الأمانةَ، وحفظَ حدودَ اللَّهِ ومنعَ نفسَهُ ما يُحبُّه من محارمِ اللَّهِ
كانَ عاقبتَهُ الجنةُ؛ كما قال تعالَى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١).
فلذلك يحتاجُ العبدُ في هذهِ الدارِ إلى مُجاهدةٍ عظيمةٍ، يُجاهدُ نفسَهُ في الله - عزَّ وجلَّ - كما في الحديثِ:
"المجاهدُ مَنْ جاهَدَ نفسَهُ في اللَّه - عزَّ وجلَّ "
فمنْ كانتْ نفسُه شريفةً، وهمَّتُهُ عالية لم يرض لَهَا بالمعاصِي، فإنها خيانة
ولا يَرْضَى بالخيانة إلا مَن لا نفسَ لهُ.
قال بعضُ السلفِ: رأيتُ المعاصِي نذالة، فتركتُها مروَّةً فاستحالتْ ديانةً.
وقالَ آخرُ منهُم: تركتُ الذنوبَ حياءً أربعينَ سنةً، ثم أدركنِي الورعُ.
وقالَ آخرُ: مَنْ عمِلَ في السرِّ عملاً يستحيي منهُ إذا ظَهَرَ عليه، فليسَ
لنفسِهِ عندَهُ قدر.
قالَ بعضُهُم: ما أكرمَ العبادُ أنفسَهُم بمثلِ طاعةِ اللَّهِ، ولا أهانوها بمثلِ
معاصِي اللَّه عزَ وجلَّ. فمنِ ارتكبَ المحارمَ فقد أهانَ نفسَهُ.
وفي المَثَلِ المضروبِ: أنًّ الكلبَ قالَ للأسدِ: يا سيدَ السباع، غيَر اسمِي فإنَّه قبيح.
فقال لهُ: أنتَ خائنٌ، لا يصلحُ لكَ غيرَ هذا الاسمِ.
قال: فجرّبْنِي. فأعطَاهُ شقةَ لحم، وقالَ: احفظْ لي هذهِ إلى غدٍ، وأنا أغيِّرُ اسمَكَ. فجاعَ، وجعلَ