وجاء تصديقُ ذلكَ في الأحاديثِ والآثارِ كما روى عبدُ اللَهِ بنُ الإمامِ
أحمدَ في كتابِ "الزهدِ" بإسنادِهِ عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: "يُدْنِي اللَّه عزَّ وجلَّ العبدَ يومَ القيامةِ، فيضعُ عليه كنفَهُ، فيسترُهُ من الخلائقِ كلها، ويدفعُ إليه كتابَهُ في ذلكَ السترِ، فيقول: اقرأْ يا ابنَ آدمَ كتابَكَ، قال: فيمرّ بالحسنةِ، فيبيضُّ لها وجْهُه ويُسَرُّ بها قلبُهُ قال: فيقولُ اللَهُ عزَ وجل: أتعرفُ يا عبدِي؟
فيقول: نعم، يا ربَ أعرفُ، فيقول: إني قد قبلتُها منك.
قال: فيخرُّ للَّه ساجدًا، قال: فيقول اللَّهُ عزَّ وجلَّ:
ارفع رأسَك يا ابنَ آدمَ وعُدْ في كتابِكَ، قال: فيمرُّ بالسيئةِ فيسودُ لها وجْهُه، ويوجلُ منها قلبُه وترتعدُ منها فرائصُه، ويأخذه من الحياءِ من ربه ما لا يعملُه غيرُهُ، قال: فيقول اللَّه عزَّ وجلَّ: أتعرفُ يا عبدِي؟
قال: فيقول: نعم، يا ربَ أعرفُ، قال: فيقول: إني قد غفرتُها لك؟
قال: فلا يزال حسنةٌ تُقبلُ فيسجدُ، وسيئةٌ تُغفرُ فيسجدُ، فلا
ترى الخلائقُ منه إلا السجودَ، قال: حتى تنادي الخلائقُ بعضها بعضًا: طوبى
لهذا العبدِ الذي لم يعصِ اللَّهَ قط، ولا يدرونَ ما قد لقي فيما بينه وبين اللَّهِ
عزَ وجلَ ".
ومما قدْ وقفه عليه ورُوي معنى ذلك عن أبي موسى، وعبدِ اللَّهِ بنِ سلامٍ.
وغيرِهِما، ويشهدُ لهذا حديثُ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ الثابتُ في "الصحيح "
- حديثُ النجوى - أن النبيَّ - ﷺ - قال:
"إذا كان يوم القيامةِ دعا اللَّهُ بعبدِهِ فيضعُ عليه كنَفَهَ فيقولُ: ألم تعملْ يومَ كذا وكذا ذنبَ كذا وكذا؟
فيقولُ: بلى يا ربِّ، فيقول: فإني قد سترتُها عليك في الدنيا وغفرتُ ذلك لك اليومَ " وهذا كلُّه في حقِّ من يريدُ اللَّهُ أن يعفوَ عنه ويغفرَ له فما الظنُّ بغيره؟
ولهذا في "مراسيل الحسنِ " عن النبي - ﷺ -


الصفحة التالية
Icon