وهو الشيطان، قالَ اللَّهُ عزَّ وجل: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)
قال الحسنُ وغيرُه: هو الذي لا يهوى شيئًا إلا ركبَه.
فهذا يُنافي الاستقامةَ على التوحيدِ.
وأما على روايةِ من روى: "قُلْ آمنْتُ باللَّه ".
فالمعنى أظهرُ، لأنَّ الإيمانَ يدخلُ فيه الأعمالُ عندَ السلفِ وَمن تابعَهم من أهلِ الحديثِ.
وقالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢).
فأمرَه أن يستقيمَ هو ومن تابعَه، وأن لا يُجاوزُوا ما أُمِروا به.
وهو الطغيانُ، وأخبرَ أنَّه بصيرٌ بأعمالِهم، مطَّلعٌ عليها، قال تعالى:
(فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ).
وقالَ قتادةُ: أُمِرَ محمدٌ - ﷺ - أن يستقيمَ على أمرِ اللهُ. وقالَ الثوريُّ: على القرآنِ.
وعن الحسنِ قال: لمَّا نزلتْ هذه الآية ُ شَمَّرَ رسولُ اللَّهِ - ﷺ -، فما رؤي ضاحكًا.
خرَّجه ابنُ أبي حاتمٍ. وذكر القُشَيريُّ وغيرُه عن بعضِهم: أنَه رأى
النبيَّ - ﷺ - في المنامِ، فقالَ له: يا رسولَ اللَّه قلتَ: "شَيبتني هُودٌ وأخواتُها"، فما شيَّبك منها؟
قال: " قوله: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) ".
وقالَ عزَّ وجل: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ).
وقد أمرَ اللَّهُ تعالى بإقامةِ الدِّين عمومًا كمَا قالَ:
(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ).


الصفحة التالية
Icon