ذلكَ، فإنَّما يُعبَّرُ عنه بأسماء قبيحةٍ، كالخمرِ وأوعيتِهِ ومواطنِهِ وآثارهِ، ويُذكر فيه الوصلُ والهجرُ، والصدودُ والتجنِّي.
فيطربُ بذلكَ السامعونَ، وكأنَّهم يشيرون، إلى أن اللَّه تعالى، يفعل مع عبادهِ المحبينَ له المتقربينَ إليه، كما يذكرونَهُ.
فيبعدُ ممن يتقربُ إليه، ويصدُّ عمن يحبُّه ويُطيعُه، ويُعرِضُ عمن
يُقبلُ عليه.
وهذا جهل عظيمٌ فإنَّ اللَّهَ تعالى يقولُ، على لسانِ رسُوله الصادقِ
المصدوقِ - ﷺ -:
"من تقرَّبَ منِّي شِبْرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرَّبَ مني ذراعًا تقرَّبتُ
منه باعًا، ومن أتَاني يمشِي أتيته هرولةً".
وغايةُ ما تحرِّكُه هذه الأغاني: ما سكنَ في النفوسِ من المحبَّةِ، فتتحركُ
القلوبُ إلى محبوباتِها، كائنة ما كانتْ، من مباح ومحرّمٍ وحقٍّ وباطلٍ.
والصّادقُ من السامعينَ، قد يكونُ في قلبهِ محبّةُ اللهِ، مع ما ركزَ في الطباع
من الهَوى، فيكونُ الهَوى كامِنًا، لظهورِ سُلطانِ الإيمانِ. فتحركُّه الأغاني.
مع المحبّةِ الصحيحةِ. فيقْوى الوجدُ، ويظن السامعُ، أنْ ذلكَ كلَّه محبّةُ اللَّهِ.
وليسَ كذلك. بل هي محبّة ممزوجةٌ ممتزجة، حقُّها بباطِلها.
وليسَ كلُّ ما حرك الكامنَ في النفوسِ، يكونُ مُباحًا في حكم اللَّهِ ورسولهِ.
فإنّ الخمرَ تحركُ الكامنَ في النُفوسِ، وهي محرمة في حكم اللَّهِ ورسولهِ
كما قِيلَ:
الرَّاحُ كالريح إِن هبَّتْ على عِطْرٍ... طابتْ وتخبثُ إنْ مرَّتْ على الجِيَفِ
وهذا السماعُ المحظورُ، يُسكرُ النفوسَ، كما يسكرُ الخمرُ أو أشدُّ، ويصدُّ