ووجه دخول الأرض في الفيءِ أنَّ اللَّه تعالى قال: (مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُولِهِ
مِنْ أَهْلِ الْقرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) إلى قوله: (وَالَّذِينَ جَاءوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا) الآية، فجعل الفيءَ لثلاثةِ أصنافٍ؛ المهاجرينَ والأنصارَ
والذين جاءوا من بعدهم ولذلك لما تلا عمرُ - رضي الله عنه - هذه الآية قال: "استوعبتُ هذه الآيةُ الناسَ فلم يبقَ أحدٌ من المسلمين إلا له فيها حق إلا بعضَ من تملكون من أرقائِكم "
خرَّجَه أبو داود من طريق الزُّهْري عن - رضي الله عنه - منقطعًا.
وروي من وجه آخرَ عن الزهري موصولاً، ورواه هشامُ بنُ سعدٍ عن زيدِ بنِ
أسلمَ عن أبيه عن عمر - رضي الله عنه - أيضًا.
ثمَّ إنَّ عمرَ - رضي الله عنه - جعل أرضَ العنوة فيئًا وأرصدَها للمسلمين إلى يومِ القيامةِ، فدل على أنَه فهِمَ دخولَها في آياتِ الفيءِ ولذلك قرَّره أميرُ المؤمنين عمرُ بنُ عبد العزيز في رسالتِهِ المشهورةِ التي بَين فيها أحكام الفيءِ وقد اعتمدَ عليها مالكٌ وأخذَ بها، كما ذكر ذلك القاضي إسماعيل في كتاب "أحكام القرآن " وساقها بتمامها بإسناده، وذكرَ البخاريّ في "صحيحه " بعضها تعليقًا وبَيَّنَ دخول الأرضِ في الفيءِ وأنَّ هذه الآياتِ ليستْ بسببِ بني النضيرِ.
وبنو النَّضيرِ أجَلاَهم النبيُّ - ﷺ - من المدينة بعدَ أن حاصرَهم قال الزهريُّ:
حاصر رسول اللَّه - ﷺ - بني النضير وهم سبط من اليهودِ بناحيةِ من المدينة حتى نَزَلُوا على الجلاءِ وعلى أنهَ لهم ما أقلَّت الإبل من الأمتعةِ إلا الحلقةَ فأنزل اللَّه فيهم يعني أول سورة الحشرِ.
خرَّجه أبو عبيدٍ وخرَّجه أبو داود مطولاً من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن رجلٍ من أصحابِ