النبي - ﷺ - فذكر حديثًا طويلاً وفيه أنَّ النبي - ﷺ - غزا على بني النضير بالكتابِ
فقاتَلَهَم حتى نزلوا على الجلاءِ فجلَتْ بنو النضير واحتملوا ما أقلَّتِ الإبلُ من
أمتعتِهم وأبوابِ بيوتهم وخشبِها، فدلَّ أنَّ نخلَ بني النضير لرسول الله - ﷺ - خاصةً أعطاه الله إياها وخصَّه بها فقال تعالى: (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلا رِكَابٍ)، يقول: فأعطى النبي - ﷺ - أكثرَها للمهاجرين وقسَّمها بينهم وقسَّم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجةٍ.
وبقي منها صدقة رسول اللَّه - ﷺ - التي في أيدي بني فاطمةَ - رضي الله عنها -، وهذا الكلام أكثره مدرجٌ من قولِ الزهري واللَّه أعلم.
وخرَّج أبو داود من قولِه: "كانتْ بنو النَّضيرِ للنبيِّ - ﷺ - " إلى آخرِهِ من قول الزهريَ.
وثبت في "الصحيحين " عن ابنِ عمرَ - رضي الله عنهما -: أن النبيَّ - ﷺ - حرَّق نخل بني النضير وقطَّع وهي البوُيْرَة فنزلتْ فيهم هذه الآيةُ: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكتمُوهَا) الآية.
وفي "الصحيحين " أيضًا عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال:
"كانت أموالُ بني النضير مما أفاء اللَّه على رسولِهِ مما لم يوجفْ
المسلمون عليه بخيلٍ ولا ركابٍ وكانتْ لرسول اللَّه - ﷺ - خاصةً فكان ينفقُ منها على أهلِهِ نفقةَ سنة ثمَّ ما بقي جعلَه في الكُرَاع والسلاح عدةً في سبيل اللَّه عز وجلَ.
وإذا عُلِمَ أنَّ الآيةَ نزلتْ بسببِ بني النضير فبنو النضير بما تركُوا أرضَهم
ونخْلَهم وسلاحَهم وقد جعلَه اللَّه فيئًا وخصَّه برسولِهِ إمَّا لأنَه كانَ يملكُ الفيء
في حياتِهِ، أو لأنه كان يُقسِّمه باجتهادِهِ ونظرِه بخلافِ الغنيمة ولا ريبَ أنَّ