الآية الأولى، وقد تقدَّم عن مجاهدٍ أنه حمل الآية الأولى على خيبر وقريظةَ
مع ما فيها من نفي الإيجافِ، فما لم يذكرْ فيه نفيُ الإيجافِ أوْلى أن يحملَ
على حالةِ القتالِ، فمن هنا قالتْ طائفة من السلف: المرادُ به ما أخذَهُ
المسلمونَ بقتالٍ من الأرضِ.
ذكرَ إسماعيلُ بن إسحاقَ عن أبيه عن المغيرة بنِ عبد الرحمن، قالَ ابنُ
إسحاقَ: وحدَّثني عبد الله بن أبي بكرٍ دخلَ حديثُ أحدُهما في الآخر.
قال: أنزلَ اللَّهُ تعالى في بني النضير سورة الحشرِ، فكانتْ أموالُ بني النضير
مما لم يوجفِ المسلمونَ عليه خيلاً ولا ركابًا، فجعل اللَّهُ أموالَهم لنبيِّه - ﷺ - يضَعُها حيثُ شاءَ، ثم قالَ:
(مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى)
ما أوجفَ المسلمون عليه بالخيل والركابِ، وفُتحَ بالحربِ فللَّه وللرسول ولذي القربى، فهذا قسم آخرُ بينَ المسلمين على ما وضَعهُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فقسم الفيءَ لمن سمَّى من المهاجرينَ والأنصارِ، لمن جاء بعدهم.
خرَّجه القاضي إسماعيلُ.
ونحو هذا قالَ قتادةُ ويزيد بن رومانَ: وأن هذه القرى مما أخذ بالقتال
لكنَهم قالوا: نُسخ ذلك بآيةِ الأنفالِ، فإن أرادوا النسخَ الاصطلاحي، وهو
رفعُ الحكم، فلا يصحُّ؛ لأنَّ آيةَ الأنفالِ نزلت عقبَ بدرٍ قبلَ بني النضير.
وإن أرادُوا أنها بينت أمرَهَا وأنَّ المرادَ بآيةِ الحشرِ خُمسُ الغنيمةِ خاصةً، وهذا قولُ عطاءٍ الخراسانيِّ ذكرهُ آدمُ بنُ أبي إياسٍ في "تفسيرِهِ " عن أبي شيبةَ عنه على تقديرِ أن يكونَ المرادُ الخمسَ خاصة بآيةِ الحشر أنها بينت أنَّ خُمسَ
الغنيمةِ لا يختصُّ بالأصنافِ الخمسِ، بل يشتركُ فيها جميعُ المسلمين كان
متوجّها، ويستدلُّ بذلك على أن مصرف الخمسِ كلَّه مصرفُ الفيء، وهو


الصفحة التالية
Icon