قوله تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)
فأفضلُ الأعمالِ: سلامةُ الصدرِ من أنواع الشَّحناءِ كلّها، وأفضلها السَّلامةُ
من شحناءِ أهلِ الأهواءِ والبدع التي تقتضِي الطعنَ على سلفِ الأمةِ.
وبغضَهم والحِقدَ عليهم، واعتقادَ تكفيرِهم أو تبديعِهم وتضليلِهم، ثم يلي
ذلكَ سلامةُ القلبِ من الشَّحناءِ لعمومِ المسلمينَ، وإرادةُ الخيرِ لهُم.
ونصيحتُهم، وأن يُحبَّ لهم ما يُحبُّ لنفسهِ.
وقد وصفَ اللَهُ تعالى المؤمنين عمومًا بأنَّهم يقولون: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠).
وفي "المسندِ" عن أنسٍ أن النبيَّ - ﷺ - قال لأصحابِهِ ثلاثةَ أيامٍ: "يطلُعُ عليكم الآنَ رَجُل مِن أهلِ الجنةِ" فيطلُعُ رجل واحدٌ، فاستضافهُ عبدُ اللَّهِ بن عمرو، فنامَ عنده ثلاثاً لينظرَ عملَه، فلم ير له في بيته كبيرَ عملٍ، فأخبرَه بالحال، فقال له: هو ما ترى، إلا أني أبيتُ وليسَ في قلبي شيءٌ على أحدٍ من المسلمين.
فقالَ عبدُ اللهِ: بهذا بلغَ ما بلغَ.
وفي "سُننِ ابنِ ماجةَ ": عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرو، قالَ: قِيل: يا رسول اللَّهِ، أيُّ الناسِ أفضلُ؟
قال: "كُلُّ مُخْمُوم القلبِ، صدوقِ اللِّسانِ ".
قالوا: صَدوقُ اللسانِ نعرفُه، فما مَخمُومُ القلبِ؟
قال: "هو التَّقِيُ النَّقِيُ الذي لا إثْمَ فيه، ولا بَغْيَ، ولا غِلَّ، ولا حسدَ".