قال البخاريُّ في "تاريخه ": المرسلُ أصحُّ.
قال: ولا يثبتُ هذا عن النبيِّ - ﷺ -، وقد ثبت عنه أن الحدودَ كفارةٌ. انتهى.
وقد خرَّجَه البيهقيّ من روايةِ آدمَ بنِ أبي إياسِ، عن ابنِ أبي ذئبٍ، عن
المقبريِّ، عن أبي هريرةَ - مرفوعًا - أيضًا.
وخرَّجَه البزارُ من وجه آخرَ، فيه ضعفٌ، عن المقبريِّ، عن أبي هريرةَ -
مرفوعًا - أيضًا.
وعلى تقديرِ صحتهِ، فيحتملُ أن يكونَ النبي - ﷺ - قال ذلك قبل أن يعلَمه ثم علِمه، فأخبرَ به جزمًا.
فإن كانَ الأمرُ كذلكَ فحديثُ عبادةَ إذنْ لم يكن ليلةَ العقبةِ بلا تردد؛ لأن
حديثَ أبي هريرةَ متأخرٌ عن الهجرةِ، ولم يكنِ النبيُّ - ﷺ - علم حينئذ أن الحدود كفارة، فلا يجوز أن يكون قد أخبرَ قبلَ الهجرةِ بخلافِ ذلك.
وقد اختلفَ العلماءُ: هل إقامةُ الحدِّ بمجردِه كفارة للذنب من غيرِ توبةٍ أم
لا؟ على قولين:
أحدُهما: أن إقامةَ الحدِّ كفارة للذنبِ بمجردِه، وهو مرويٌّ عن عليِّ بنِ أبي
طالبِ وابنهِ الحسنِ، وعن مجاهدٍ وزيدِ بنِ أسلمَ، وهو قولُ الثوريِّ
والشافعيِّ وأحمدَ، واختيارُ ابنِ جريرٍ وغيرِه من المفسرينَ.
والثاني: أنه ليس بكفاره بمجردهِ، فلا بدَّ من توبةٍ، هو مرويٌّ عن صفوانَ
ابنِ سليمٍ وغيرِه.