وهذا يرجع إلى أصل مختلَفٍ فيه، وهو: العددُ الذي تنعقدُ به الجمعةُ؟
وقد اختُلِفَ في ذلك:
فقالت طائفةٌ: لا تنعقدُ الجمعةُ بدون أربعينَ رجلاً، رُويَ ذلك عن
عُبيدِ اللَّهِ بنِ عبد اللَّهِ بنِ عتبةَ وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وهو قول الشافعيِّ
وأحمدَ - في المشهورِ عنه - وإسحاقَ، ورواية عن مالكٍ.
وقالت طائفة: تنعقد بخمسينَ، رُويَ عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ - أيضًا -
وهو روايةٌ عن أحمدَ.
وقالت طائفة تنعقد بثلاثةٍ، منهم: ابنُ المباركِ والأوزاعيُّ والثوريُّ، وأبو
ثور، ورُوي عن أبي يوسفَ، وحُكيَ روايةً عن أحمدَ.
وقالت طائفةٌ: تنعقد بأربعةٍ، وهو قول أبي حنيفة وصاحبَيه - في المشهور
عنهما - والأوزاعيِّ ومالكٍ والثوريّ - في رواية عنهما - والليثِ بنِ سعدٍ.
وحكي قولاً قديمًا للشافعيِّ، ومنهم مَن حكاه أنها تنعقدُ بثلاثةٍ.
وقالت طائفةٌ: يعتبر أربعونَ في الأمصارِ وثلاثةٌ في القرى، وحُكيَ روايةً
عن أحمدَ، صحَّحَها بعضُ المتأخرينَ مِن أصحابهِ.
وقالت طائفةٌ: تنعقدُ بسبعةٍ، وحُكيَ عن عكرمةَ، وروايةً عن أحمدَ.
وقالت طائفة: تنعقدُ باثني عشرَ رجلاً، حكيَ عن ربيعةَ.
وقد قال الزهريُّ: إن مصعبَ بنَ عمير أول ما جمَّعَ بهم بالمدينةِ كانوا اثني
عشرَ رجلاً.