وإنما كانوا يخرُجون من المسجدِ ينتشرُون في الأرضِ، فمنهم مَن كان ينصرفُ
لتجارةٍ، ومنهم مَن كان يزورُ أصحابَه وإخوانَه، وكانوا يجتمعُون على ضيافةِ
هذه المرأةِ.
وقد ذهبَ بعضُهم إلى أنَّ الأمرَ بالانتشارِ بعدَ الصلاةِ للاستحبابِ.
كان عراكُ بنُ مالكٍ إذا خرجَ من المسجدِ يومَ الجمعةِ قالَ: اللهمُّ، أجبتُ
دعوتَكَ، وقضيتُ فريضتَك، وانتشرتُ كما أمرتني، فارزقني من فضلكِ.
وأنتَ خيرُ الرازقينَ.
خرَّجه ابنُ أبي حاتمٍ وغيرُه.
وهذا يدلُّ على أنه رأى قولَه تعالى: (فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ)، أمرًا
على ظاهرهِ.
وخرجَ - أيضًا - بإسنادهِ، عن عمرانَ بنِ قيسٍ، قال: من باعَ واشترَى يومَ الجمعةِ باركَ اللَّهُ له سبعينَ مرةً.
قال بعضُ روافيِ: وذلك بعدَ صلاةِ الجمُعَةِ؛ لهذه الآيةِ.
وذهبَ الأكثرونَ إلى أنه ليس بأمرٍ حقيقةً، وإنما هو إذنٌ وإباحة، حيث
كان بعدَ النهي عن البيع، فهوَ إطلاق من محظورٍ، فيفيدُ الإباحةَ خاصةً.
وكذا قالَ عطاءٌ ومجاهدٌ والضحاكُ ومقاتلُ بنُ حيان وابنُ زيدٍ وغيرُهم.
وروى أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ بنُ جعفرٍ في كتاب "الشافي " بإسنادٍ لا يصحُّ.
عن أنسٍ - مرفوعًا - في قوله تعالى: (فَانتَشِروا فِي الأَرْضِ)، قال: "ليسَ