الخدريِّ في صفةِ الإسراءِ أنه - ﷺ - رأى الجنةَ والنارَ فوق السماواتِ، ولو صحَّ لحُمل على ما ذكرناه أيضًا.
وقد روى القاضي أبو يعْلى بإسناد جيدٍ عن أبي بكر المروذيِّ أن الإمامَ
أحمدَ فسَّر له من القرآن آياب متعددة، فكانَ مما فسَّرهُ له قولهُ تعالى: (وَإِذَا
الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) قال: أطباقُ النيران (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ)، قال: جهنَّم.
وهذا يدلُّ على أن النارَ في الأرضِ، بخلافِ ما رواه الخلاَّلُ عن المروذيِّ.
واللَّه أعلم.
وأما المرويُّ عن مجاهدٍ، فقد تأوَّلَهُ بعضُهم على أنَّ المرادَ أن أعمالَ الجنةِ
والنارِ مقدرة في السماءِ من الخيرِ والشرِّ، وقد صرَحَ بذلك مجاهدٌ في روايةِ
أخرى عنه.
وقد وردَ في بعضِ طرقِ حديثِ الإسراءِ أنه - ﷺ - رأى جهنم في طريقِهِ إلى بيتِ المقدسِ، ورُوي عن عبادةَ بنِ الصامتِ أنه وقفَ على سورِ بيت المقدسِ الشرقيِّ يبْكي، وقال: ها هُنا أخبرنا رسولُ اللَّهِ - ﷺ - أنه رأى جهنَّمَ.
* * *
قوله تعالى: (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤)
قال تعالى: (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤).
وقُرئ (سُعِّرت و (سُعِرَت) بالتشديدِ والتخفيفِ.
قال الزجاجُ: المعنى واحدٌ، إلا أنَّ معنى المشددِ أوقدتْ مرةً بعد مرةٍ.