وفي "صحيح البخاريِّ " أنَّ جبريلَ قالَ للنبي - ﷺ -:
"ما تَعُدُّون أهلَ بدرٍ فيكم؟
قال: " مِن أفْضَل المسلمين " أو كلمة نحْوَهَا، قال: وكذلك مَن شهِدَ بدْرًا من الملائكة".
وقال اللَّهُ تعالى: (وَلَقَدْ نَصَرَكمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ).
وقال: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى).
ورُوي أنَّ النبيَّ - ﷺ - لما رآهمُ قالَ:
"اللهمََّ، إن هؤلاءِ قُريشٌ قد جاءتْ بخُيلائها يُكَذبون رسولَك، فانجِزْ لي ما وَعدْتَنِي ".
فأتاه جبريلُ، فقال: "خُذْ قبضةً من تُراب فارمهم بها"، فأخذَ قبضةً من حصْباءِ الوادي فرمَى بها نحوَهم، وقال: "شاهتِ الوُجُوه " فلم يبقَ مُشركٌ إلا دخلَ في عينيهِ ومنْخرِه وفمه شيءٌ، ثم كانتِ الهزيمةُ.
وقال حكيمُ بنُ حزامٍ: سمعنا يومَ بدرٍ صوتًا وقع من السَّماء كأنَّه صوتُ حصاةٍ على طَسْتٍ، فرمى رسول اللَّه - ﷺ - تلكَ
الرَّميةَ، فانهزمنا، ولما قدمَ الخبرُ على أهلِ مكةَ قالُوا لمن أتاهُم بالخبرِ: كيفَ
حالُ الناسِ؟
قال: لا شيءَ، واللَّهِ إن كانَ إلا أن لقيناهُم فمنحناهم أكتافنا.
يقتلُونا ويأسرُونا كيفَ شاؤُوا، وأيْمُ اللَّهِ، مع ذلكَ ما لمتُ النَّاسَ، لقينا رجالاً على خيلٍ بُلق بين السَّماءِ والأرضِ ما يقومُ لها شيءٌ.
وقتلَ الله صَّنَاديدَ كفارِ قريشٍ يومئذٍ، منهم عُتبةُ بنُ ربيعةَ، وشيبةُ.
والوليدُ بنُ عتبةَ، وأبو جهلٍ، وغيرُهم، وأسرُوا منهم سبعينَ، وقصَّة بدرٍ
يطولُ استقصاؤها، وهي مشهورةٌ في التفسيرِ وكتبِ الصحاح والسنن
والمسانيدِ والمغازي والتواريخ وغيرها، وإنما المقصودُ هاهنا التنبيةُ على بعضِ
مقاصدها.


الصفحة التالية
Icon